عنوان الفتوى : إحياء الموات
ما معنى إحياء المَوات وما حكمه في الشّرع؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.
إحياء المَوات هو استغلال الأرض التي لا تزرع بالزرع وغيره من أنواع الاستغلال، مأخوذ من قوله تعالى : (ومِنْ آيَاتِهِ أنَّكَ تَرَى الأرْضَ خاشِعةً فإذا أنْزلْنَا علَيْها المَاءَ اهتزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الذِي أحْيَاهَا لَمُحْيي المَوْتَى) [سورة فصلت : 39].
وورد أن النبي ـصلى الله عليه وسلم- قال : “مَن أحْيا أرضًا مَيتةً فهي له” (رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: إنه حسن.)
وقال -صلى الله عليه وسلم- : “من أحيا أرضًا ميتة فله فيها أجْر”. (رواه النسائي وصححه ابن حبان).
والحديثان يُبيِّنان فضل إحياء الأرض الموات، وأن ما يُحيا منها فهو لمَن أحْيا، لكن اشترط العلماء لاعتبار الأرض مَواتًا أن تكون بعيدة عن العُمران، حتى لا تكون مِرفقًا من مرافقه، ولا يتوقع أن تكونَ من مرافقه، وفي الوقت نفسه اشترط بعض الفقهاء أن يأذَن الحاكِم في إحيائها واستثمارها، ابتداء قبل العمل أو بعده، على خِلاف في ذلك.
وإحياء الموات يدلّ على حيويّة التشريع الإسلامي بدعوته إلى الاستثمار والتّعمير، وإخْصاب الحياة بالخير، ليُساعد ذلك على تَحقيق خِلافة الإنسان في الأرض، بتعميق الإيمان بالله وشكره على نعمه، والتمتُّع بالحلال الطَّيِّب الذي يُعطِي القوة، ويحقِّق الكَرامة للإنسان.
ومن أساليبِ الدَّعوة إلى ذلك قوله تعالى : (هُوَ الذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلولاً فامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) [سورة الملك : 15]
وقوله ـصلّى الله عليه وسلم- : “ما مِن مُسلم يَغرس غَرسًا أو يَزرع زرعًا، فيأكُل منه طَير أو إنسانٌ أو بَهيمة إلا كان له به صدقة” (رواه مسلم).
وقد تحدّث الماوردي في كتابه “الأحكام السلطانية” ص 190 عن أحكام الموات وإذن الإمام في إحيائه، وإذا أهمل الإنسان في ذلك بدون عُذر سُلِبَ الإذن منه، وكان غيره أحقَّ به، ويمكن استيفاء معرفة أحكامه منه ومن كتب الفقه.
والله أعلم.