عنوان الفتوى : حكم سرقة الولد من مال أبيه
السلام عليكم سرقة الابن من مال أبيه هل تستوجب قطع اليد؟ وشكراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسرقة أمر محرم وهي من كبائر الذنوب، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم: 8610، والفتوى رقم: 21859.
فإذا كانت هذه السرقة وقعت والابن دون البلوغ فلا إثم عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاث، فذكر منهم "وعن الصبي حتى يشب." أخرجه أبو داود وابن ماجه.
ويجب رد المال الذي أخذه، ولا حدَّ عليه؛ ولكن ينبغي أن يعاقب بما يكفه عن ذلك إن كان يعقل، مع اختيار الأسلوب المناسب لإشعاره بفداحة ما فعل، ويراعى في ذلك المرحلة العمرية للولد، حتى ينشأ نشأة إسلامية صحيحة، وإذا كان الولد –الذي سرق- بالغاً فالجمهور على أنه لا قطع في سرقة الولد من مال أبيه لوجوب نفقة الولد في مال أبيه ولأنه يرث ماله، وله حق في دخول بيته، وهذه كلها شبهات تدرأ عنه الحد.
أما المالكية فإنهم يوجبون في سرقة الولد من أبيه الحد، قال العدوي في الحاشية: (أما الابن إذا سرق من مال أبيه أو جده فإنه يقطع لضعف الشبهة.)انتهى.
ولكن إذا كان الولد قد أخذ من مال أبيه ما يحتاجه لأن أباه لا يقوم بما أوجب الله عليه من النفقة على الأولاد، فمثل هذا ليس بسرقة بالاتفاق، لأن الولد إنما أخذ حقه.
قال صلى الله عليه وسلم لهند امرأة أبي سفيان عندما قالت له إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف." رواه البخاري وأحمد.
وفي رواية للبخاري: "لا حرج عليك."، قال القرطبي فيما نقله عن الحافظ ابن حجر في الفتح: (قوله: خذي أمر إباحة بدليل قوله لا حرج.) انتهى.
فإذا كان أخذ الولد من مال أبيه على هذا النحو، فليتق الله الوالُد وليقم بما أوجب الله عليه من النفقة، علماً بأن إقامة الحدود ليست لآحاد الناس، ومعرفة من يستحق أن يقام عليه الحد ومن لا يستحق من المسائل التي تختص بها المحاكم الشرعية.
والله أعلم.