عنوان الفتوى : التبريك ينفي ضرر العين
ماذا تفعل من تظن أنها مصابة بوسواس الحسد أو العين؟ أي هناك عبارات تتكرر في نفسها تدل على حسد أو العين على الناس أو أحبتها وأهلها، خصوصا الوالدين ونفسها، وربما الأشياء أيضًا، ولكن هي لا تريد ذلك وتخاف كثيرًا أن تؤذي أحبتها بسبب العبارات التي تتكرر في نفسها، وكلما تكررت تلك عبارات في خاطرها تقول: "ما شاء الله" بصوت خافت، ولكن ذلك تتكرر كثيرًا، أي من الممكن أنه في لحظة واحدة تقول: "ما شاء الله" عشرات المرات أو أكثر، وكلما قالت: "ما شاء الله" تتكرر عبارة الحسد والعين في خاطرها مرة أخرى، وتكون مجبرة أن تكرر "ما شاء الله" حتى لا تصيب أحدًا بالحسد أو العين، مع أنها لا تريد ذلك، وهكذا يتكرر هذا الأمر مرات كثيرة في نفس الوقت، هي تشعر بحزن شديد بسبب عدم سيطرتها على هذا الأمر، وبسبب خوفها أن تؤذي أهلها. هل يكفي قول "ما شاء الله" مرة واحدة حتى إن تكررت عبارات الحسد والعين في خاطرها؟ وهل يجوز لها أن لا تلتفت ولا تهتم لما يتكرر في خاطرها ولا تقول: "ما شاء الله" حتى تتخلص من ما في خاطرها؟ لأنها تظن أنها وسوسة ويجب تجاهلها دون ردة فعل. وهل بالفعل سوف يصاب أهلها بالضرر أو الموت بسبب ما في خاطرها من عبارات الحسد والعين؟ مع أنها لا تريد أذيتهم وتخاف عليهم من الضرر. وهل تأثم بسبب هذا الأمر مع أنها لا تريد أن تتكرر تلك العبارات بداخلها؟ وهل إذا حصل شيء ما لأهلها عليها أن تلوم نفسها بسبب تلك الخواطر السيئة وتظن أنها كانت منها؟ آسفة على هذه الأسئلة ولكنها في نفس الموضوع ومرتبطة ببعض ولا يمكن إرسال كل سؤال على حدة، فأرجو أن تطمئنوها بجواب شاف لأنها كثيرًا ما تشعر بحزن وضيق شديد من هذا الأمر، وفي أغلب الأوقات تخاف أن تسبب ضررًا لأهلها، ولا تريد أن تكون سببًا في أي ضرر، ويكاد يسبب هذا الحزن لها بشعور كأنها لا طاقة لها بفعل الأعمال، وتتمنى أن تنام أغلب الوقت حتى لا تشعر بالأحزان وبهذه الخواطر، مع أنها تحاول أن تقرأ أذكار الصباح والمساء، وتحاول أن تصلي في الوقت. وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على هذه المرأة أن تُعرض عن التفكير في هذا الأمر؛ فإن استرسالها مع الشيطان في التفكير يزيد من تمكن الوسواس فيها، وينبغي أن تشغل نفسها بالتعلم والنظر في كتب السير وقصص السلف، وما تيسر من التسلية المباحة، وخدمة أهلها، ويكفيها الدعاء بالبركة لأهلها؛ فقد قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: قوله: ألا بركت. فيه أن من رأى شيئًا فأعجبه فقال: تبارك الله أحسن الخالقين، وبرك فيه، فإنه لا يضره بالعين، وهي رقية منه. اهـ.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار: قوله صلى الله عليه وسلم: ألا بركت. يدل على أن من أعجبه شيء فقال: تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم بارك فيه، ونحو هذا، لم يضره -إن شاء الله-. اهـ.
والله أعلم.