أرشيف المقالات

شؤم المعاصي ( قصة )

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
شؤم المعاصي

وهو يركب عربَتهمُسرعًا في الطريق السيَّار نحو بيته، فيطريقه شاكَسَه أحد السائقين فثارت بينهما مشاحنة، أطفأ السيجارة التي بيده ثم ضغط على دوَّاسة البنزينلأقصى حدٍّ، الغبطة والنشوة تملآن قلبه بسرعته الجنونية، يَصِل إلى بيته، دخل ولم يُسلِّم على أهله، لميُلقِ حتىعلى مسامعهم خبر موعد وصوله من السفر، ولج مكتبهوبدأ يُقلِّب في ملفاته، أخذ إحداها وخرَج للقاء زبون جديد لشركته.

انطلق مرة أخرى بسُرعته المعهودة، وهو في أحد الطرق الجانبية لم ينتبه لطفل صغير يلهو على الرصيف، فجأة وإذ به يَسقط على قارعة الطريق، صدَمه فسقط على الأرض مُضرجًا بالدماء، نزَلَ من السيارة والعرق البارد يتفصَّد من جبينه، حَفَّ به جمهرة من الناس وبدأت الأصوات تَتعالى، أخَذَه وتوجَّه به على الفور إلى المستشفى.

يَحتاج الصبي إلى عملية جراحية عاجلة لإنقاذ حياته، يَبذُل الأطباء قصارى جهدهم، جهاز التنفُّسيَعمل بأقصى درجاته، تمرُّ الساعة تلو الساعة، لحظات انتظار طويلة تقطَع نياط القلب، يَخرُج الطبيب الجراح:
• بشِّرْني يا دكتور، كيف سارت الأمور؟
• لطْف وعناية الله أنقذت الموقِف،قد وُفِّقنا.

من شدة انفعاله سجَد على الأرض شاكرًا ربه، كان مرعوبًا من أن يكون سببًا في إزهاق روح بريئة، والسبب نزوة السرعة القميئة تلك، خرج بأخف الأضراريُلملم شعثه ويستعدُّ لمواجهة الموقِف مرة أخرى.

وهو قابع بإحدى جنبات المستشفى، أخذت الأفكار تتوالى على ذهنه: السِّيجارة التي لا تفارق فاه، زوجه التي أشرَبَها كأس المرِّ، شهوة الحياة المُتمكِّنة من قلبه، ثمأعلنها في تلك اللحظة بكل تصميم: ما الذي أفعله بنفسي؟ أنا مقبل على الهلاك لا محالة!! لا، سأبدِّلها وأغيِّر مَجرى حياتي، مِن اليوم لن أكون إلا رجلاً صالحًا، لن أدع نفسي أنساق خلف نزواتي الشيطانية.
 
خرَج مِن المستشفى واشترى باقة ورد لزوجه، توجه إلى البيت وكله رغبة في أن يعتذر لأهله، دمعت عَينا زوجه فرحًا وعادت البَسمة إلى شفاه أبنائه، أما عائلتُه الكُبرى فلم يُصدِّقوا أعينهم وهم يرون السكينة والوقار يَكسُوان سَمته، بعدما كان مكفهِرَّ الوجه مُنفِّرًا، قد سلَك طريقًا جديدًا يُقبِل فيه على ربه، لَفَظَ جُلَّ معاصيه وفتح صفحة جديدة في حياته، هو الآن يعيش في غاية السعادة والطمأنينة بين أهله، فهنيئًا له وهنيئًا لكل من أبصر طريق النَّجاة، أسعَدَ به روحه وأراح بال كل مَن حوله.

شارك الخبر

المرئيات-١