أرشيف المقالات

فضل الذكر والدعاء

مدة قراءة المادة : 11 دقائق .
فضل الذكر والدعاء
 
فضيلة الذكر:
قال تعالى: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾[1].
 
وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾[2].
 
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم، يذكر الله على كل أحيانه[3].
 
وعن عبدالله بن بسر رضي الله عنه: أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيء أتشبث به قال: «لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله عز وجل»[4].
 
وهكذا كان صلى الله عليه وسلم، دائم الذكر وأوصى بذلك.
وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «سبق المفردون» قالوا: وما المفردون؟ يا رسول الله، قال: «الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات»[5].
 
وقال صلى الله عليه وسلم: «ولا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده»[6].
 
والذكر نوعان: مطلق، ومقيد.
 
فمما جاء مقيدًا بوقت:
عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر»[7].
 
وقال صلى الله عليه وسلم لعلي وفاطمة رضي الله عنهما: «إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا الله أربعًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وسبحا ثلاثًا وثلاثين»[8].
 
ومما جاء مقيدًا بيوم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به، إلا أحد عمل أكثر من ذلك»[9].
 
وعنه رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة، حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر»[10].
 
ومما جاء في الذكر المطلق:
قال صلى الله عليه وسلم: «لأن أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس»[11].
 
وقال صلى الله عليه وسلم: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم»[12].
 
فضيلة الدعاء:
قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ﴾[13].
 
وقال تعالى: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾[14].
 
وقال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾[15].
 
وعن النعمان بن بشير، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدعاء هو العبادة، قال ربكم: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾»[16].
 
وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء»[17].
 
إن الدعاء هو العبادة كما قال صلى الله عليه وسلم: وبه تتمثل عبودية العبد خالصة لله تعالى، إذ يلجأ إليه فيما يهمه، من جلب نفع أو دفع ضر فهو سبحانه وحده القادر على ذلك.
 
وفي الآية الثالثة، جعل الله تعالى عقوبة الذين يستكبرون عن عبادته - والعبادة: هنا الدعاء - دخول جهنم.
 
وإذًا فالدعاء هو من أهم الأمور التي تظهر عبودية الإنسان لله تعالى، ولذا كان هو العبادة.
 
وقد كان صلى الله عليه وسلم، كثير الدعاء، فكان من سنته الدعاء عقب الأذان وعقب الصلوات، وفي الخطب..
وفي الصلاة..
وإثر الصيام، وفي مناسك الحج.
 
وما يستطيع العبد أن يترك الدعاء، يومًا واحدًا، فهو بحاجة إلى استمداد العون من الله تعالى في كل شؤونه..
بل إن الكثير من آيات القرآن الكريم هي عبارة عن أدعية..
 
إن الدعاء على الرغم من كونه عبادة، فهو حاجة نفسية للإنسان يستشعر من خلالها معاني الأسماء الحسنى من القوة والرحمة والرزق..
 
فالمعتدى عليه المظلوم يدعو فيقول: يا الله، يا قوي.
والذي يكون في مأزق صعب يطلب رحمة الله فيقول: يا رحيم.
ومن ضاق عليه عيشه، قال: يا رزاق يا كريم..
وهكذا يشعر المؤمن بالأمن حينما يلجأ إلى الله في حاجاته كلها، وهذه هي العبودية، والدعاء هو العبادة..
 
ما ينبغي مراعاته في الدعاء:
وقد جاءت الأحاديث الشريفة توضح ما ينبغي أن يراعى في الدعاء ومن ذلك:
1 - العزم في المسألة: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة، ولا يقولن: اللهم إن شئت فأعطني، فإنه لا مستكره له»[18].
 
2 - أكل الحلال: ففي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، «..
ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يده إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له»
[19].
 
3 - عدم استعجال الإجابة قال صلى الله عليه وسلم: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي»[20].
 
4 - الإلحاح في الدعاء، قال ابن مسعود: كان صلى الله عليه وسلم إذا دعا، دعا ثلاثًا، وإذا سأل سأل ثلاثًا[21].
 
5 - الدعاء بالجوامع، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك[22].
 
لا يدعو على نفسه وولده:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الإنسان على نفسه أو ولده.
قال صلى الله عليه وسلم: «لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم»[23].
 
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم»[24].

[1] سورة الرعد، الآية (28).


[2] سورة الأحزاب، الآية (41).

[3] أخرجه مسلم برقم (373).


[4] أخرجه الترمذي برقم (3375) وابن ماجه (3793).

[5] أخرجه مسلم برقم (2676).


[6] أخرجه مسلم برقم (2700).


[7] أخرجه مسلم برقم (597).


[8] متفق عليه (خ 3113، م 2727).

[9] متفق عليه (خ 3293، م 2691).


[10] متفق عليه (خ 6405، م 2691).

[11] أخرجه مسلم برقم (2695).

[12] متفق عليه (خ 7563، م 2694).


[13] سورة البقرة، الآية (186).


[14] سورة الأعراف، الآية (55).

[15] سورة غافر، الآية (60).

[16] أخرجه أبو داود برقم (1479) والترمذي (2969) وابن ماجه (3828).


[17] أخرجه الترمذي برقم (3370) وابن ماجه (3829).

[18] متفق عليه (خ 6338، م 2678).


[19] أخرجه مسلم برقم (1015).

[20] متفق عليه (خ 6340، م 2735).

[21] أخرجه مسلم برقم (1794).


[22] أخرجه أبو داود برقم (1482).

[23] أخرجه مسلم برقم (3009).


[24] أخرجه أبو داود برقم (1536) والترمذي (1905) وابن ماجه (3862).

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢