عنوان الفتوى : الطريقة النقشبندية في الميزان
لي بعض الأصدقاء من الألمان، وأريد نصحهم للدين الإسلامي الصحيح، ولكن لا أعرف ماذا أقول، فهم مسلمون صوفيون، على الطريقة النقشبندية. فأريد نصحهم أن ما يفعلونه خطأ، لكني لا أملك حجة الإقناع، وأريد من سيادتكم كلاما يقنعهم سواء قلت لهم مباشرة، أو صورت لهم الإجابة؛ لكي يقرؤوها، وأريد الإجابة باللغة الألمانية.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك حرصك على نصح صديقك، وسعيك في هدايته، وقد سبق لنا الإشارة إلى الطريقة النقشبندية، وأنها طريقة من الطرق الصوفية المخالفة للكتاب، والسنة، فراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 29912، 67029، 296953.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية، والإفتاء: عن حكم الإسلام في الطرق الصوفية عامة، والطريقة النقشبندية خاصة؟
فأجابت: تكثر البدع عند جماعة الطرق الصوفية عموما، كالذكر الجماعي في صفوف، أو حلقات بصوت واحد، وذكرهم الله بالاسم المفرد بصوت واحد مثل: الله، الله، حي، حي، قيوم، قيوم.. وذكرهم بضمير الغائب مثل: هو، هو. وذكرهم بكلمة آه، وفي نشيدهم على الأذكار شر كثير، مثل: الاستغاثة بغير الله، وطلب المدد من الأموات ...
وفي كتبهم بدع كثيرة، وشر مستطير، ويخص النقشبندية، وذكرهم الله بلفظ الجلالة في الورد اليومي بحركات قلبية، مع نفس تشبه حركة اللسان بالكلام دون تحريك للسان، واستحضار المريد شيخه، وورده اليومي مع اعتقاد وساطته في نجاته يوم القيامة، وهذه الأمور كلها من البدع المنكرة؛ لأن تلك الأذكار لم يثبت منها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أوحي إليه من الكتاب والسنة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا، فهو رد». وقال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد». اهـ.
وجاء في موضع آخر من فتاوى اللجنة: الطرق الصوفية، ومنها النقشبندية، كلها طرق مبتدعة، مخالفة للكتاب والسنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة». بل إن الطرق الصوفية لم تقتصر على كونها بدعة، مع ما في البدعة من الضلال، ولكن داخلها كثير من الشرك الأكبر، وذلك بالغلو في مشايخ الطرق، والاستغاثة بهم من دون الله، واعتقاد أن لهم تصرفا في الكون، وقبول أقوالهم من غير نظر فيها، وعرضها على الكتاب والسنة، ومن ذلك ما ورد في السؤال من قولهم: من لا شيخ له، فشيخه الشيطان، ومن لم ينفعه أدب المربي، لم ينفعه كتاب، ولا سنة، ومن قال لشيخه: لم؟ لم يفلح أبدا، وهذه كلها أقوال باطلة، مخالفة للكتاب، والسنة؛ لأن الذي يقبل قوله مطلقا بدون مناقشة، ولا معارضة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لقول الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، وقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} أما غيره من البشر مهما بلغ من العلم، فإنه لا يقبل قوله إلا إذا وافق الكتاب والسنة، ومن زعم أن أحدا تجب طاعته بعينه مطلقا، غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ارتد عن الإسلام، وذلك لقوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}، وقد فسر العلماء هذه الآية، بأن معنى اتخاذهم أربابا من دون الله: طاعتهم في تحليل الحرام، وتحريم الحلال، كما جاء في حديث عدي بن حاتم، عند الطبراني، وابن جرير، والترمذي قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: يا عدي؛ اطرح هذا الوثن من عنقك، فطرحته، فانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة، فقرأ هذه الآية: حتى فرغ منها. فقلت: إنا لسنا نعبدهم. فقال: أليس يحرمون ما أحل الله، فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله، فتحلونه؟ قلت: بلى. قال: فتلك عبادتهم». فالواجب الحذر من الصوفية ومن يتبعها رجالا ونساء، ومن توليهم التدريس والتربية، ودخولهم في الجمعيات النسائية وغيرها، لئلا يفسدوا عقائد الناس .. ومن اعتنق مذهب الصوفية، فقد فارق مذهب أهل السنة والجماعة، وإذا اعتقد في شيوخ الصوفية أنهم يمنحون البركة، أو ينفعون، أو يضرون فيما لا يقدر عليه إلا الله من شفاء الأمراض، وجلب الأرزاق، ودفع الأضرار، أو أنهم تجب طاعتهم في كل ما يقولون ولو خالفوا الكتاب، والسنة، من اعتقد ذلك، فقد أشرك بالله الشرك الأكبر، المخرج من الملة، لا تجوز موالاته، ولا مناكحته؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}.. اهـ.
وتفصيل القول في بيان عقائد، ومبادئ الطريقة النقشبندية، يحتاج إلى مؤلف مستقل، فإن حقيقتهم لا تظهر على التمام إلا بمطالعة كتبهم الخاصة، ومنها ما وضع بغير العربية؛ لأن هذه الطريقة في الأصل طريقة أعجمية، فارسية.
ومن أجمع، وأنفع الكتب في هذا الباب كتاب الشيخ التركي/ فريد الدين آيدن: (الطريقة النقشبندية بين ماضيها، وحاضرها) فقد جمعه مؤلفه على مدار ربع قرن من المراجع، والوثائق المعتمدة، ولاسيما ما كتب منها باللغة التركية، والفارسية، فإن أكثر أتباع هذه الطريقة من غير العرب. وتجد نسخته العربية على هذا الرابط: http://www.saaid.net/book/open.php?cat=89&book=1495
فإن طال عليك هذا الكتاب لكبر حجمه، فيمكنك الرجوع إلى كتاب الشيخ عبد الرحمن دمشقية عن الطريقة النقشبندية. فحجمه لا يجاوز خمس حجم الأول. وتجده على هذا الرابط: http://www.saaid.net/book/open.php?cat=121&book=2412
وقد لخصه واضعوا (موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام) في موقع (الدرر السنية)، ومما جاء عندهم: أصول الطريقة النقشبندية متوافقة في كثير من تفاصيلها مع الطرق الصوفية الأخرى. فإن فيها من البدع، والشركيات، والقول بوحدة الوجود، وما يحكونه عن أحوال مشايخهم، وخصائصهم، وتصرفهم المطلق في ذرات الكون، ما لا يشك معه أحد في أن هذه الطريقة إحدى طرق الصوفية الغلاة، الخارجين على الكتاب، والسنة، مع إصرار أصحابها بأنها طريقة سنية، لا تخرج عن أهل السنة والجماعة شبرا واحدا ... وحكموا على من قال: «الطرق الصوفية لم يرد بها كتاب، ولا سنة» حكموا عليه بالكفر. اهـ.
وتعرضوا فيه لبيان النهج الباطني عند النقشبندية، وتصريحهم بوحدة الوجود، وبأقوال أخرى شنيعة وقبيحة، كزعمهم أن الله يتشكل بأشكال الحيوانات في بعض أحوال التجلي الصوري.
ومن ذلك ما حكاه صاحب الرشحات، قال: «جاء مولانا -سعد الدين- يوما حجرتي، ورأى مصحفا في الرف، فقال: ما هذا الكتاب؟ فقلت: هو مصحف. قال: إن ذلك من علامة البطالة، فإن تلاوة القرآن وظيفة المتوسطين. والصلاة شغل المنتهين، وأهم المهمات للمبتدئين: الاشتغال بالنفي، والإثبات، وترك الأهم، والاشتغال بغيره بطالة، كمن يقرأ الفاتحة في القعود، زعما منه أنها أم القرآن».
وقال صاحب الرشحات: «قال مولانا -سعد الدين- كان لي أب يمشي في الماء، ويضع قدمه على الهواء، ولكن لم يكن له رائحة من التوحيد. وحضر مرة مجلسه كثير من الأكابر، والعلماء فقال الشيخ: إن الله سبحانه ليس بعالم للغيب، فانفجع أكثر الحاضرين من هذا الكلام، وارتعدت فرائصهم حتى تغطى البعض بثوبه من الخوف؛ لكونه خلاف نص التنزيل ...
والله أعلم.