عنوان الفتوى : شروط إباحة نكاح نساء بلاد الغرب
بسم الله الرحمن الرحيمالسلام عليكمأنا عربي مسلم وأعيش في بلد لا يعترف بالأديان وتعرفت على فتاة نصرانية وأنوي الزواج منها وهي تريد أن تسلم ولكن المشكلة أنه لا يوجد شخص ذو مرتبة دينية أو شرعية يستطيع أن يعقد قراني عليها ولا أستطيع العودة إلى بلد مسلم لأتم الأمر وأنا لا أريد أن أقع في الحرام ولكن النفس أمارة بالسوء، ماذا أفعل، مع العلم أن لدي هنا بعض الأصدقاء الملتزمين دينيا فهل يستطيع أحدهم القيام بذلك وكيف، أرجو الإسراع في الرد وجزاكم الله كل الخير... والسلام عليكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمسلم أن يتزوج من نساء أهل الكتاب (اليهود والنصارى) بشرط أن تكون المرأة عفيفة، وعلى الأخ السائل أن يتأكد من وجود عدة شروط في تلك المرأة التي يريد الزواج بها:
الشرط الأول: أن تكون كتابية، ومعلوم أن كثيراً من الغربيات اليوم ملحدات لا يؤمن بدين، وهؤلاء يحرم الزواج بهنَّ، حيث يقول الله عز وجل: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221].
وهذا النهي يشمل الملحدة، فيحرم الزواج منها إطلاقًا، ولم يبح الله للمسلم أن يتزوج من غير المسلمات إلا الكتابيات، وهنَّ وإن كنَّ مشركات إلا أن كونهنَّ يؤمن بدين سماوي كان سبباً لإباحة الزواج بهنَّ، قال تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة:5] ولكون زواجها من مسلم قد يكون سبباً في هدايتها.
الشرط الثاني: أن تكون عفيفة، والمعروف في بلاد الغرب أن هذا الوصف من الصعب تحققه، وتأمل التعبير القرآني، حيث كرر لفظ المحصنات لكل من المؤمنات والذين أوتو الكتاب، فلم يقل: والمحصنات من المؤمنات ومن الذين أوتوا الكتاب. إنما قال: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حتى بين ضرورة شرط العفة؛ لأنها إذا لم تكن عفيفة لم تؤمَن أن تدنس عرض زوجها، وأن تلحق به ما ليس منه من الأولاد.
الشرط الثالث: أن لا تكون هذه المرأة ممن يعادون الإسلام ويحاربون المسلمين؛ لأن الواجب حينئذ معاداتها لا الزواج بها.
الشرط الرابع: ألاَّ يكون في الزواج بها فتنة للمسلم عن دينه، بأن تجره إلى اتباع دينها، ولهذا ختم الله آية إباحة الزواج من الكتابيات بقوله جل وعلا: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة:5]. أي احذر أن يجرك الزواج بالكتابية أن توافقها في دينها فتكون من الخاسرين.
وإذا تم الزواج في حال كونها نصرانية فإنه يلي زواجها وليها الكافر، فإن اعترض على زواجها من مسلم فينظر في الأمر فإن اعترض لمجرد كون الزوج مسلماً وهولا يرى ما يمنع من تزويجه في دينه إلا أنه لا يحب أن يزوجها لمسلم فإن الولاية تنتقل عنه إلى غيره من الكفار،أما إذا كان باعث الاعتراض هو أنه يرى أن المسلم ليس كفوا لها ويعتقد ذلك دينا فالظاهر أنها لا تزوج إلا بموافقته 0 وإذا تم الزواج بعد إسلامها، فيجب أن توكل المرأة رجلاً مسلماً يعقد لك عليها، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي. رواه أبو داود وغيره. قال الإمام أحمد هذا حديث صحيح.
ويكون ذلك في حضور شاهدين، ولا يجوز أن يزوجها وليها الكافر، لقوله تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [النساء:141].
قال في البدائع: فلو جاز إنكاح كافر مؤمنة لثبت له عليها سبيل، وهذا لا يجوز، ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك.
وأنصح الأخ السائل -وفقه الله- أن يؤخر الزواج حتى تسلم المرأة، ويتبين حسن إسلامها، فهذا أحرى أن يُنْشىء أسرة متماسكة.
وللفائدة انظر فتوى رقم:
5315، والفتوى رقم: 10748.
والله أعلم.