عنوان الفتوى : حكم عرض السلعة في ايباي وهي موجودة عند أمازون وبيعها للزبائن بطريقة (Dropshiping)

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا أعرف جيدا حديث حرمة بيع ما لا تملك ، ورأيت كل أجوبة الموقع في هذا الموضوع ، لكن للاسف كل من سألوا لم يوضحوا الأمر بطريقة جيدة ، لذلك سأوضح كل شي عن هذا المجال ؛ كي أريح نفسي ، وأتركه إذا كان حراما ، مثال علي الدروب شيبينج : هناك متجر يسمي أمازون يبيع فيه ناس حقيقية ، يعني مثلا بائع للملابس ، وهناك متجر آخر اسمه أيباي ، وهو يسمح لأي شخص ببيع أشياءه فيه ، مثل الأول ، لكن الثاني زبائنه أكثر عددا واستهدافا ، فلذلك في الدروب شيبينج يأتي الشخص يفتح متجر لنفسه علي الثاني ، ويعرض الملابس الموجودة علي المتجر الأول للبيع بسعر أغلي قليلا ، وعندما يدخل زبون يشتري آخذ فلوسه ، وأشتري الملابس من الأول وأرسلها مباشرة علي عنوان الزبون ، وآخذ فرق السعر حتى الآن حرام ، الآن النقطة التي قد تحسم الأمر أنه عندما يدفع الزبون لي أنا لا أحصل علي ماله وأشتري به كما يظن كل الشيوخ ، بل تظل الأموال معلقة في الموقع ، وأذهب وأشتري البضاعة من الأول على حسابي من فلوسي ، وأقوم بإرسالها للمشتري ، وحينما تصله أحصل على ثمن البضاعة التي دفعها المشتري للموقع ، مثال جاكت علي أمازون ب١٠ دولار ، عرضته علي أيباي ب١٢ دولارا ، زبون دخل الايباي وأعجب بالجاكت ، واشتري ودفع ال ١٢ دولار ، لكن أنا لا أستطيع سحب هذا المال من الموقع إلا بعد انتهاء الصفقة واستلام المشتري الجاكت ، فأقوم بشراء الجاكت من مالي الخاص ، يعني أصبحت أملكه وأرسله مباشرة علي عنوان المشتري ، وفإذا وصله تنتهي الصفقة ، فتبقي الفلوس متاحة لي في المتجر ولكن حفظا لحق المشتري لا أستطيع سحبها إلا بعد أسبوع ؛ لإعطاء المشتري فرصة إذا رغب في إعادة البضاعة ، وفي هذا حماية تامة له من إمكانية النصب عليه ، فهل هذه المعاملة بهذه الصورة حلال أم حرام ؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله.

أولا:

لا يجوز أن يبيع الإنسان ما لا يملك إلا في صورة عقد السلم .

وقد سبق في جواب السؤال رقم : (259320) أنه ما دامت النقود تبقى في عند الوسيط الاكتروني، ولا يمكنك أخذها، فإن السّلَم لا يصح؛ إذ شرط السلم قبض رأس المال في مجلس العقد، ويتحقق هذا القبض لو أودع المال في حسابك ، وكان يمكنك أخذه مباشرة، وهذا غير حاصل في الصورة المذكورة في السؤال .

قال في "مطالب أولي النهى" (3/ 20): " (ولا) يصح (بيع ما) ؛ أي: شيء معين (لا يملكه) البائع ، ولا أذن له فيه ... ؛ لحديث حكيم بن حزام مرفوعا: لا تبع ما ليس عندك رواه ابن ماجه والترمذي ، وصححه.

(إلا موصوفا) بصفات سَلَم (لم يُعَيَّن) ؛ فيصح ; لقبول ذمته للتصرف (إذا قبض) المبيع , (أو) قبض (ثمنه بمجلس عقد) ، فإن لم يقبض أحدهما فيه ؛ لم يصح ؛ لأنه بيع دين بدين ، وقد نهي عنه" انتهى.

وعلى هذا : فلا يجوز لك أن تبيع هذه السلعة التي لم تملكها بعد ، على ما ذكر في السؤال .

والأصل في تحريم بيع الإنسان ما لا يملك: ما روى النسائي (4613) ، وأبو داود (3503) والترمذي (1232) عن حكيم بن حزام قال: " سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، يأتيني الرجل فيسألني البيع ليس عندي ، أبيعه منه ، ثم أبتاعه له من السوق قال:  لا تبع ما ليس عندك " والحديث صححه الألباني في "صحيح النسائي".

ثانيا:

هناك مخرجان لجواز بيع السلع غير المملوكة، عبر الإنترنت:

الأول:

المرابحة للآمر بالشراء، فيتم الاتفاق بينك وبين االراغب في السلعة على أنك ستشتري السلعة ثم تبيعها عليه بربح معين. وهذا مجرد وعد غير ملزم لأي من الطرفين ، وليس بيعا تاما .

وليس لك أن تطلب الثمن ، أو جزءاً منه ، مقدماً ، لضمان جدية المشتري ؛ وذلك لأن أخذ هذا المبلغ من العميل قبل شراء السلعة دلالة على أن ما بينهما ليس مجرد مواعدة وإنما التزام ، وهذا المبلغ لتأكيد وضمان الالتزام في حقيقة الأمر.

وهذا يتناقض مع ما سبق من اشتراط كون الوعد غير ملزم للطرفين أو أحدهما.

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (229091) .

ويشترط أيضا: أن تشتري السلعة، وتقبضها، قبل أن تجري عقد البيع مع الزبون.

فإذا اشتريت السلعة، وقبضتها، جاز لك بيعها على الزبون.

وإنما اشترطنا القبض؛ لأن في بعض ألفاظ حكيم بن حزام ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له :  فإذا اشتريت بيعا ، فلا تبعه حتى تقبضه   رواه أحمد (15399) ، والنسائي (4613) .

وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم: (342) .

وأخرج الدارقطني وأبو داود (3499) عن زيد بن ثابت "أن النبي صلى الله عليه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" والحديث حسنه الألباني في "صحيح أبي داود".

وعلى ذلك ؛ فلا يصح لك أن تطلب من موقع أمازون أن يشحن السلعة للزبون، بل يلزم أن تقبضها من "أمازون" ، أو يقبضها وكيل عنك، ثم تبيعها بعد ذلك للزبون.

المخرج الثاني: الوكالة بأجرة.

فيجوز أن تكون وكيلا عن الزبائن، تشتري لهم ما يريدون من السلع الموجودة على أمازون، بنفس الثمن الذي تباع به في الموقع ، دون زيادة عليه ؛ مقابل عمولة تأخذها منهم، بشرط أن تشتري السلعة بمال الزبون، لا بمالك.

وحينئذ لا يشترط تملكك السلعة، ولا قبضها. بل تشتري السلعة لصالح الزبون ، وتطلب من البائع (أمازون) شحنها له.

ولكن كون المال يبقى عند الوسيط، وتشري أنت السلعة بمالك، يجعل ثمن السلعة الذي تدفعه من مالك ، (قرضا) منك للزبون ؛ والجمع بين السلف، والوكالة بأجرة، ممنوع؛ إذ لا يجوز الجمع بين السلف والمعاوضة عند جمهور الفقهاء.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن المتاجرة بالهامش:

" ثانيا: أن اشتراط الوسيط على العميل أن تكون تجارته عن طريقه، يؤدي إلى الجمع بين سلف ومعاوضة (السمسرة)، وهو في معنى الجمع بين سلف وبيع، المنهي عنه شرعا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يحل سلف وبيع ... ) الحديث رواه أبو داود (3/ 384) والترمذي (3/ 526) وقال: حديث حسن صحيح.

وهو بهذا يكون قد انتفع من قرضه، وقد اتفق الفقهاء على أن كل قرض ، جر نفعا : فهو من الربا المحرم" انتهى، وانظر قرار المجمع بتمامه في جواب السؤال رقم :(106094)  .

وعلى هذا ؛ فتكون الطريقة الأولى ، بشروطها التي بيناها : هي المتاحة لك .

والله أعلم.