عنوان الفتوى : سبب رفع اليدين في أربع مواطن في الصلاة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت رفع اليدين عن النبي صلى الله عليه وسلم- في أربع مواطن من الصلاة: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول؛ ففي صحيح البخاري عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ "إذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ" وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كما ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يرفع عند إرادة السجود، أو عند الرفع منه؛ ففي الصحيحين من حديث ابْن عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَعَلَ مِثْلَهُ، وَقَالَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ، وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ".
وجاء في فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: فهذه المواضع –الأربع- صح بها الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أما ما عداها، فلم يثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يرفع يديه لا إذا سجد، ولا إذا قام من السجود، وعلى هذا فلا يسن للإنسان أن يرفع يديه إذا سجد، ولا إذا قام من السجود، وأما ما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه يرفع يديه في كل خفض ورفع. فقد حقق ابن القيم ـ رحمه الله ـ في زاد المعاد أن ذلك وهم من الراوي. اهـ.
لذلك فإن رفع المصلي يديه في هذه المواطن، سنة مستحبة.
وأما قولك: وهل لديها سبب أو قصة.
فقد قال النووي في شرح مسلم: وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْعُلَمَاءِ فِي الْحِكْمَةِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَعَلْتُهُ إِعْظَامًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَاتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ اسْتِكَانَةٌ، وَاسْتِسْلَامٌ، وَانْقِيَادٌ. وَكَانَ الْأَسِيرُ إِذَا غُلِبَ، مَدَّ يَدَيْهِ عَلَامَةٌ لِلِاسْتِسْلَامِ، وَقِيلَ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِعْظَامِ مَا دَخَلَ فِيهِ، وَقِيلَ إِشَارَةٌ إِلَى طَرْحِ أُمُورِ الدُّنْيَا، وَالْإِقْبَالِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الصَّلَاةِ، وَمُنَاجَاةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، كَمَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ قَوْلُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَيُطَابِقُ فِعْلُهُ قَوْلَهُ، وَقِيلَ إِشَارَةٌ إِلَى دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا الْأَخِيرُ مُخْتَصٌّ بِالرَّفْعِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَفِي أَكْثَرِهَا نَظَرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
والله أعلم.