عنوان الفتوى : أحكام المعتدة إذا اعتدي عليها
اعتدى علي أخو زوجي، وأنا في العدة؛ لأنه مسحور، وكان به مس. هل يجب علي أن أبدأ العدة من الأول. وهل يأثم هو، مع أنه لا يذكر الاعتداء؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن أقدم هذا الرجل على هذا الفعل وهو لا يعي، فلا إثم عليه؛ لكونه فاقدا لأهلية التكليف، فهو في حكم المجنون، وقد قال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}، وفي الحديث الذي رواه النسائي وابن ماجه عن عائشة ـرضي الله عنهاـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق. وإن كان في حال وعي، فهو آثم.
وأما بالنسبة للعدة: فإنك تكملين عدة الأول، ثم تعتدين للثاني.
جاء في أخصر المختصرات، في الفقه الحنبلي: وإن وطئت معتدة بشبهة، أو زنا، أو نكاح فاسد، أتمت عدة الأول، ولا يحتسب منها مقامها عند ثان، ثم اعتدت لثان. اهـ.
قال الشيخ ابن جبرين في شرحه على هذا الكتاب: صورة ذلك: إذا طلق امرأة عدتها ثلاثة قروء، وبعد ما مرَّ قرءان، وبقي لها قرء، وطئها رجل بشبهة، أو بزنا، أو عقد عليها وهي في العدة، فهذا يعتبر عقداً، ونكاحاً باطلاً، ثم دخل بها، ومكثت عنده شهراً، أو شهرين، أو سنة، ثم تبين الأمر، فماذا نفعل؟ نفرق بينهما، فإذا فرقنا بينهما قلنا لها: أكملي عدة الأول الذي بقي له حيضة. فإذا قالت: أنا قد حضت عشر مرات عند هذا الثاني. نقول: لا يحسب مقامك عند الثاني، وعليها أن تكمل الحيضة التي بقيت للأول، ثم بعد ذلك تعتد لهذا الثاني الذي نكاحه فاسد، أو باطل، ثلاثة قروء، ثم إن شاءت رجعت على الثاني بعقد جديد. وهكذا لو وطئت بشبهة، وقد بقي من عدتها حيضة، أو وطئت بزنا، وقد بقي من عدتها حيضة، فإننا نأمرها بأن تكمل الحيضة التي للأول، ثم تكمل للثاني -الذي هو وطء شبهة، أو وطء زنا- ثلاث حيض، ثم تتزوج إن شاءت بعد التوبة إذا كانت زانية. اهـ.
والله أعلم.