عنوان الفتوى : أقوال العلماء في زكاة السلفة
لدي سؤالين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما ما يتعلق بسؤالك الأول، فإذا كنت قد قمت بتسديد بعض أقساط هذه السلفة فبلغ نصاباً أو أكثر وبقي عندك هذا القدر من السلفة حتى حال عليه الحول فإنه تجب عليك زكاته؛ لأنك أصبحت تملكه.
وأما إن كانت هذه السلفة بأكملها مازالت ديناً عليك لم تسدد من أقساطها شيئًا، فقد اختلف أهل العلم في وجوب الزكاة في ذلك على قولين:
القول الأول: عدم وجوب الزكاة فيها، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة، فنصوا على أن الدَّين الذي يستغرق نصاب الزكاة أو ينقصه يمنع وجوب الزكاة.
قال الكاساني في شروط وجوب الزكاة: (ومنها: أن لا يكون عليه دين مطالب به من جهة العباد عندنا، فإن كان فإنه يمنع وجوب الزكاة بقدره حالاً كان أو مؤجلاً).
وقال العدوي في حاشيته: (وأما لو كان عليه دين فيسقط زكاة العين سواء كان الدين عيناً أو عرضاً، حالاً أو مؤجلاً لعدم تمام الملك).
وقال في المغني: (الدَّين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة، رواية واحدة. وهي الأثمان، وعروض التجارة). ويعني بالأثمان: الذهب والفضة، وفي معنى ذلك ما بأيدينا من أموال نقدية.
القول الثاني: وجوب الزكاة فيها، وإلى هذا ذهب الشافعي في الجديد، قال في المنهاج: (ولا يمنع الدَّين وجوبها).
وقد لخص ابن رشد سبب اختلافهم في بداية المجتهد بما حاصله: (أن السبب في اختلافهم: هل الزكاة عبادة أو حق مرتب في المال للمساكين ؟
فمن رأى أنها حق لهم قال: لا زكاة في مال من عليه الدَّين، لأن هذا المال في الحقيقة مال صاحب الدَّين لا الذي المال بيده.
ومن قال هي عبادة قال: تجب على من بيده مال سواء كان عليه دين أو لم يكن؛ لأن وجود المال هو شرط التكليف بإخراج الزكاة.
وأيضاً فإنه تعارض هنالك حقان: حق الله، وحق الآدمي، وحق الله أحق أن يقضى).
والقول الأول أرجح لعدة وجوه معتبرة:
الوجه الأول: أن ملكية المدين ضعيفة وناقصة، لتسلط الدائن المستحق على دينه ومطالبته به.
الوجه الثاني: أن رب الدَّين مأمور بتزكيته؛ لأنه ماله وهو مالكه وصاحبه، فلو زكاه المدين لوجبت فيه الزكاة مرتين؛ وهو ازدواج ممنوع في الشرع.
الوجه الثالث: أن الزكاة إنما وجبت مواساة لذوي الحاجات، والمدين محتاج إلى قضاء دينه، كحاجة الفقير أو أشد؛ لأن عدم قضاء الدين قد يعرضه للحبس.
ومن هذا تعلم أنه لا تجب زكاة على القدر الذي لم تسدده من هذه السلفة، أما ما قمت بسداده وبلغ نصاباً وحال عليه الحول فتجب فيه الزكاة.
- وأما ما يتعلق بسؤالك الثاني:
فحساب زكاة مالك يكون بإخراج 2.5% من الثمانية آلاف دينار؛ إذا كانت تبلغ نصاباً بنفسها أو بما ينضم إليها من جنسها وحال عليها الحول، فتخرج 200 دينار. ولمعرفة النصاب راجع الفتوى رقم:
2055.
وأما الستة آلاف فإذا حال عليها الحول من يوم امتلاكها فتخرج 2.5% فتخرج 150 ديناراً، ولك أن تخرج زكاتها مع زكاة الثمانية آلاف من غير أن تنتظر انقضاء حولها.
وأما ما لك من ديون فإذا حال عليه الحول من يوم امتلاكك له، فتخرج 2.5% ، وكذلك في كل حول يمر عليها إذا كانت على أملياء أوفياء. ولك أن تضيف هذه الديون إلى ما لديك من رصيد، فتزكيها معه، بشرط ألا يترتب على ذلك تأخير زكاة هذه الديون بعد تمام حولها.
وأما إن كانت هذه الديون على مماطلين أو معسرين فتزكيها إذا قبضتها لسنة واحدة.
والله أعلم.