عنوان الفتوى : هل من التطير التنبؤ بقدوم الضيف إذا انسدلت الشعرة بين عيني المرأة؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

توارثنا من آبائنا أنه إذا شعرت ربة المنزل بشعرة تنسدل بين عينيها فإن هذا إشارة على قدوم الضيف ويحدث فعلا هذا الشيء ويأتي الضيف، هل هذا من التطير أو ما شابه أو أنه فقط ظن حسن بالله جزاكم الله خيراً

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

سقوط الشعرة من الرأس أو انسدالها بين العينين أو مجرد الشعور بذلك من غير أن يكون له حقيقة.. كل هذا لا تأثير له في قدوم الضيف ولا غيره.

ولا يصح اعتقاد هذه الأمور لا في الخير ولا في الشر، وإذا جاء الضيف بعد ذلك فإنما هو موافقة الأقدار لا غير.

ومثل هذا ما يعتقده كثير من الناس في رف العين، وكذلك في حكة اليد، كل هذه الاعتقادات باطلة، وقد يدخل بعضها في الشرك الأصغر، لأن الله سبحانه لم يجعلها أسبابا لهذه الأمور.

وليس هذا من باب التفاؤل، فالتفاؤل يكون بالكلمة الطيبة، ونحوها مما فيه معنى حسن ينشط النفس، ويقوي رجاءها وحسن ظنها بالله تعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل قالوا: وما الفأل ؟ قال: الكلمة الطيبة رواه البخاري ( 5756 ) ومسلم ( 2220 ).

قال ابن القيم:

"وَلَيْسَ فِي الْإِعْجَاب بالفأل ومحبته شيء من الشّرك، بل ذَلِك إبانة عَن مُقْتَضى الطبيعة، وَمُوجب الْفطْرَة الإنسانية الَّتِي تميل إِلَى مايلائمها ويوافقها مِمَّا ينفعها كَمَا أخْبرهُم أَنه حبب إِلَيْهِ من الدُّنْيَا النِّسَاء وَالطّيب...

وَالله سُبْحَانَهُ قد جعل فِي غرائز النَّاس الْإِعْجَاب بِسَمَاع الاسم الْحسن ومحبته، وميل نُفُوسهم إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ جعل فِيهَا الارتياح والاستبشار وَالسُّرُور باسم السَّلَام والفلاح والنجاح، والتهنئة والبشرى والفوز وَالظفر وَالْغنم وَالرِّبْح وَالطّيب، ونيل الأمنية والفرح والغوث والعز والغنى وأمثالها، فَإِذا قرعت هَذِه الْأَسْمَاء الأسماع استبشرت بهَا النَّفس، وانشرح لَهَا الصَّدْر، وقوى بهَا الْقلب، وَإِذا سَمِعت أضدادها، أوجب لَهَا ضد هَذِه الْحَال، فأحزنها ذَلِك وأثار لَهَا خوفًا وطيرة، وانكماشا وانقباضا عَمَّا قصدت لَهُ وعزمت عَلَيْهِ، فأورث لَهَا ذَلِك ضَرَرا فِي الدُّنْيَا، ونقصا فِي الْإِيمَان، ومقارفة للشرك" انتهى من "مفتاح دار السعادة" (2/244).

أما من يتفاءل بطير رآه يأخذ يمينا، أو بحكة في يده، أو برفّة شعرة عينه، أو برقم معين، فهذا تفاؤل بما لا معنى فيه، ويجب على العبد أن ينتهي عنه وأن يقطع هاجسه قبل استقراره.

قال ابن القيم:

"من استمسك بِعُرْوَة التَّوْحِيد الوثقى، واعتصم بحبله المتين وتوكل على الله: قطع هاجس الطَّيرَة من قبل استقرارها، وبادر خواطرها من قبل استمكانها.

قَالَ عِكْرِمَة: كُنَّا جُلُوسًا عِنْد ابْن عَبَّاس، فَمر طَائِر يَصِيح، فَقَالَ رجل من الْقَوْم: خير ! خير ! فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: (لَا خير وَلَا شَرّ!). مبادرةً بالإنكار عَلَيْهِ، لِئَلَّا يعْتَقد لَهُ تَأْثِيرا فِي الْخَيْر أَو الشَّرّ.

وَخرج طَاوُوس مَعَ صَاحب لَهُ فِي سفر، فصاح غراب، فَقَالَ الرجل: خير ! فَقَالَ طَاوُوس: وَأي خير عِنْده ؟! وَالله لَا تصحبني" انتهى من "مفتاح دار السعادة" (2/235).

والخلاصة: أن شعور المرأة بشعرة تنسدل بين عينيها لا علاقة له بقدوم الضيف، فلا تأثير له في ذلك، كما أنه ليس سببا لذلك، ومن وقع في اعتقاد شيء من ذلك، فحكمه حينئذ حكم الطيرة المذمومة شرعًا، فعليه أن يستغفر الله تعالى ويطرد هذه الوساوس ويدفعها.

فعن عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَن رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ من حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ ما كَفَّارَةُ ذلك؟ قال: أن يَقُولَ أَحَدُهُمْ: اللهم لاَ خَيْرَ إلا خَيْرُكَ وَلاَ طَيْرَ إلا طَيْرُكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ.

رواه أحمد ( 7045 ) وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 3 /53 ) تحت الحديث ( 1056 ).

وينظر جواب السؤال (97221)، (33842).

 

والله أعلم.