عنوان الفتوى : الوقوع في المعاصي لا يبرر الامتناع عن الحج
أنا أريد أن أحج ولكن أخاف من العودة إلى المعاصي وأنا واثق من العودة إليها فما رأيكم أحج أم لا أحج ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى فرض حج بيت الله الحرام على كل مسلم مستطيع، وجعله ركناً من أركان الإسلام الخمسة الثابتة التي بني عليها.
وكون الشخص يرتكب المعاصي لا يبرر تأخير عن أداء هذه الفريضة العظيمة والتي ينال المسلم بأدائها الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى وتكفر عنه ما مضى من الذنوب والآثام.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " رواه البخاري ومسلم وغيرهما. وقال صلى الله عليه وسلم " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " رواه البخاري ومسلم.
ولهذا ننصحك بالمبادرة إلى التوبة وإلى أداء هذه الفريضة العظيمة، وسيكون أداؤها بداية خير لك.. ولتعلم أن الله تعالى حثنا على المبادرة إلى الخيرات والمسابقة إليها قال تعالى: ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات ) (البقرة: من الآية148) وقال:( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) (الحديد: من الآية21)
والحج فريضة على الفور وذلك على الراجح من أقوال أهل العلم لأن المستطيع قد يعجز، والصحيح قد يمرض والقوي قد يضعف، ولا أحد يضمن لنفسه السلامة طرفة عين.
أما التسويف وتأخير التوبة وعدم المبادرة إلى أداء الفرائض فإنه من وساوس الشيطان وشدة الغفلة وطول الأمل.. نسأل الله أن يعافينا وإياك من ذلك.
ولا يمنعنك الخوف من الرجوع إلى المعاصي من أداء هذه الفريضة العظيمة، فهذا من الحواجز التي يضعها الشيطان أمام من يريد التوبة إلى الله تعالى وأداء فرائضه، فإذا تبت إلى الله تعالى وفعلت ما أمرك به فإن الله تعالى يبدل لك تلك السيئات السابقة حسنات، قال تعالى في شأن التائبين: ( فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) (الفرقان: من الآية70).
والحاصل أن الواجب عليك أن تبادر إلى التوبة وأداء فريضة الحج وغيرها من الفرائض، ولا يمنعك من ذلك توقع فعل بعض المعاصي في المستقبل، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
والله أعلم.