عنوان الفتوى : حكم الإطالة بعد الرفع من الركوع في الركعة الثانية من صلاة الفجر
قرأت كلاما لابن القيم ـ رحمه الله ـ في زاد المعاد يوحي بأن الإنسان يطيل بعد الرفع من الركوع في الركعة الثانية من صلاة الفجر، فهل لهذا الكلام مستند من آية أو حديث؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام الذي وقفت عليه لعله يتناول القنوت بعد الرفع من الركعة الثانية في صلاة الفجر، وهو أمر مشروع عند كثير من أهل العلم، ولهم أدلتهم في ذلك, فالمسألة من المسائل التي انتشر الخلاف فيها، ويصعب الحسم فيها, ومن ترك هذا القنوت فصلاته صحيحة, جاء في المجموع للنووى: مذهبنا أنه يستحب القنوت فيها سواء نزلت نازلة أو لم تنزل، وبها قال أكثر السلف ومن بعدهم أو كثير منهم، وممن قال به: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي وابن عباس والبراء بن عازب ـ رضي الله عنهم ـ رواه البيهقي بأسانيد صحيحة، وقال به من التابعين، فمن بعدهم خلائق، وهو مذهب ابن أبي ليلي والحسن بن صالح ومالك وداود، وقال عبد الله بن مسعود وأصحابه وأبو حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري وأحمد: لا قنوت في الصبح. انتهى.
وقال ابن القيم في زاد المعاد: والإنصاف الذي يرتضيه العالم المنصف أنه صلى الله عليه وسلم جهر وأسرَّ وقنت وترك.. ثم قال: وصح عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: والله لأنا أقربكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم.. فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح.... ثم قال: ولا ريب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعل ذلك ثم تركه، فأراد أبو هريرة أن يعلمهم أن مثل هذا القنوت سنة، وهذا رد على أهل الكوفة الذين يكرهون القنوت في الفجر مطلقاً.... ويقولون: هو منسوخ وفعله بدعة... إلى أن قال: فأهل الحديث متوسطون بين هؤلاء وبين من استحبه عند النوازل وغيرها، وهم أسعد بالحديث من الطائفتين، فإنهم يقنتون حيث قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتركونه حيث تركه، فيقتدون به في فعله وتركه، ويقولون: فعله سنة وتركه سنة، ومع هذا فلا ينكرون على من داوم عليه، ولا يكرهون فعله، ولا يرونه بدعة، ولا فاعله مخالفا للسنة، كما لا ينكرون على من أنكره عند النوازل ولا يرون تركه بدعة، ولا تاركه مخالفا للسنة، بل من قنت فقد أحسن، ومن تركه فقد أحسن، وركن الاعتدال محل الدعاء والثناء، وقد جمعهما النبي صلى الله عليه وسلم فيه. انتهى.
وللوقوف على تفصيل الأدلة في هذه المسألة يمكن الرجوع إلى زاد المعاد لابن القيم, ونيل الأوطار للشوكاني، ولم يرد في مشروعية القنوت أي آية من كتاب الله تعالى.
والله أعلم.