عنوان الفتوى : هل يصلي قوم أكلوا جميعا البصل جماعة
بارك الله فيكم: أكلت بصلا أنا ومن معي من إخوتي وجاء وقت صلاة العصر، فقلنا إنه لا يجوز لنا حضور المسجد ما دمنا قد أكلنا البصل، لكن الذي حيرنا هو أننا لم نعلم هل نصلي العصر جماعة مع بعضنا؟ أم يصلي كل واحد منا بمفرده؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فصلنا القول في أحكام أكل الثوم والبصل ونحوهما، وذلك في الفتوى رقم: 106989.
وخلصنا فيها إلى أن: ذلك مباح مع الكراهة، وأن الأولى الابتعاد عن أكله قبل الصلاة، ومن أكله قبلها فلا إثم عليه ولو ترتب على ذلك تخلفه عن حضور صلاة الجماعة في المسجد، ما لم تكن جمعة، فلا يجوز تعمد أكله بعد النداء لها لحرمة التخلف عنها.
وعليه؛ فقد كان الأولى لكم الكف عن أكل البصل قبل الصلاة حتى لا يتسبب في تخلفكم عن المسجد، وحيث فعلتم وتخلفتم فينبغي أن تصلوا جماعة في بيتكم، لأن العلة في النهي منتفية في حقكم، بحكم اشتراككم جميعا في أكل البصل، وقد جاء في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: وخص القاضي عياض الكراهة بما إذا كان معهم غيرهم، أما إذا كان كلهم أكلوه، فلا.. اهـ.
وقال الشيخ العثيمين في لقاء الباب المفتوح: الصحيح أنه لا يكره أن يصلي الإنسان جماعة وقد أكل بصلاً أو ثوماً، إلا إذا كان يؤذي المصلين، فإذا كان يؤذي المصلين فلا يدخل معهم، أما المساجد: فإنه لا يحل له أن يحضر وقد أكل بصلاً أو ثوماً وبقيت رائحتهما فيه.... ثم سئل رحمه الله: لو كانوا جميعهم قد أكلوا بصلاً؟ فقال: لا بأس يصلون جماعة ولا حرج. اهـ.
وننبه السائل الكريم إلى أن الثوم أوالبصل وما شابههما إن ذهبت رائحتهما لطول المدة أو باستعمال ما يذهب رائحتهما فقد زال السبب الذي من أجله نهي آكلهما عن حضور المسجد، وبالتالي لا مبرر للتخلف عن الجماعة في المسجد حينئذ، فقد روى ابن ماجه وغيره، وصححه الشيخ الألباني والشيخ الأرناؤوط: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَطِيبًا، أَوْ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لَا أُرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ: هَذَا الثُّومُ وَهَذَا الْبَصَلُ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرَّجُلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوجَدُ رِيحُهُ مِنْهُ، فَيُؤْخَذُ بِيَدِهِ حَتَّى يُخْرَجَ إِلَى الْبَقِيعِ، فَمَنْ كَانَ آكِلَهَا لَا بُدَّ، فَلْيُمِتْهَا طَبْخًا.
والله أعلم.