عنوان الفتوى : اعترف لزوجته بماضيه السيئ فطلبت الطلاق، فما الحكم؟
متزوجة حديثًا، وزوجي اعترف لي أنه فيما مضى ارتكب ذنوبًا ومعاصيَ كثيرة، بما فيها إتيان النساء من أدبارهن، كما أخذ المال من بعضهن، لكنه الآن نادم كثيرًا، وأنه اختارني لديني؛ كي آخذ بيده إلى الطريق الصحيح، وآمره بالمعروف وأنهاه عن المنكر، وطلب أن لا أتخلى عنه، وأساعده على الاستقامة، لكني في لحظة عصبية وغضَبٍ طلبت الطلاق، وعاد واستنجد بي، فبالله عليكم ماذا أفعل؟ فأنا حائرة، هل أتركه وشأنه؟ أم أصبر وآخذ بيده؟ مع العلم أنه الآن يصلي، ويقرأ القرآن، ولو بصفة متقطعة، وقال: إن ما فعله في الماضي يؤرقه، ويطلب من الله أن يغفر له، فدلوني -جزاكم الله خيرًا-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد أخطأ زوجك في إخبارك بما اقترفه من الذنوب والمعاصي، وكان ينبغي له أن يستتر بستر الله تعالى، وأن لا يفضح نفسه، وقد جاء في الحديث أمر العاصي بستر نفسه، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه الحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي، والألباني.
قال ابن عبد البر: وفيه أيضًا ما يدل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة. اهـ .
جاء في الموسوعة الفقهية: وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ إِذَا وَقَعَ مِنْهُ مَا يُعَابُ عَلَيْهِ، يُنْدَبُ لَهُ السَّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ، فَلاَ يُعْلِمُ أَحَدًا، حَتَّى الْقَاضِيَ، بِفَاحِشَتِهِ لإِقَامَةِ الْحَدِّ، أَوِ التَّعْزِيرِ عَلَيْهِ؛ لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: كُل أُمَّتِي مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَل الرَّجُل بِاللَّيْل عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَيَقُول: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سَتْرَ اللَّهِ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا مِنْ صَفْحَتِهِ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. اهـ.
وما دام أنه تاب وندم على ما فرط منه، فنسأل الله تعالى أن يقبل توبته، ونوصيك بالأخذ بيده إلى طريق الخير، وعدم تركه للشيطان، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
ولمعرفة الحالات التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق انظري الفتوى رقم: 37112.
والله تعالى أعلم.