عنوان الفتوى : أحكام خياطة وبيع الملابس النسائية
أريد أن أبدأ مشروع خياطة ملابس للنساء. وعلمت أنه يحرم علي بيع الملابس لمن تأكدت، أو شككت أنها قد ترتديها أمام غير المحارم. هل أستطيع أن أبرئ ذمتي أمام من أبيع لها، وأمام الله أني لا أحلها لها إن اردتها أمام غير المحارم؟ وأبرئ ذمتي أني أخيط هذه الملابس لتلبسها فقط أمام النساء، أو المحارم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في عدة فتاوى أنه لا يجوز بيع ملابس النساء التي لا يجوز لبسها أمام الرجال الأجانب لمن يعلم منها، أو يغلب على الظن أنها ستلبسها أمام الرجال الأجانب؛ لما في ذلك من العون على الحرام. ولمزيد الفائدة راجعي الفتويين: 37433، 13364.
وغلبة الظن في مثل هذه المسائل تنزل منزلة اليقين، كما قال العلوي في مراقيه:
بغالب الظن يدور المعتبر ........ انتهى.
وأما الشك فلا يؤخذ حكم اليقين وغلبة الظن، فيجوز البيع مع الشك، وقد كرهه الشافعية.
فقد جاء في الإنصاف للمرداوي: تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ هَذَا الْخِلافِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: أَوْ ظَنَّهُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ الْحَكَمِ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. انتهى.
وفي كتاب فتح الوهاب من كتب الشافعية: وَبَيْعِ نَحْوِ رُطَبٍ كَعِنَبٍ لِمُتَّخِذِهِ مُسْكِرًا بِأَنْ يَعْلَمَ مِنْهُ ذَلِكَ أَوْ يَظُنَّهُ، فَإِنْ شَكَّ فِيهِ، أَوْ تَوَهَّمَهُ مِنْهُ، فَالْبَيْعُ لَهُ مَكْرُوهٌ، وَإِنَّمَا حُرِّمَ أَوْ كُرِّهَ لأَنَّهُ سَبَبٌ لِمَعْصِيَةٍ مُحَقَّقَةٍ، أَوْ مَظْنُونَةٍ، أَوْ لِمَعْصِيَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا أَوْ مُتَوَهَّمَةٍ. انتهى.
فإذا علم هذا التفصيل، فعدم تحليلك لمن تلبس هذه الملابس أمام الرجال الأجانب، لا تبرأ ذمتك به، وذلك أن الشيء المحرم لا يجوز الإقدام عليه ابتداء، وإنما المعول عليه ما ذكرنا وهو غلبة الظن بشأن من تطلب الملابس هل تريدها للبسها أمام الأجانب، أم أمام المحارم. وإذا جهل الحال فالأصل السلامة، وإحسان الظن.
والله أعلم.