عنوان الفتوى :
أنا مصابة بالوسواس، وقد نصحتموني بالتجاهل حتى أستطيع الحلف على النجاسة. فهل أتجاهل هنا أيضا لأنني متأكدة مما أقول، وقد تعبت كثيرا والله، فقد كنت أنوي في هذه الفترة البداية من جديد في كل شيء، والتخلص من وساوس قديمة، فأفسدت علي أمي -هداها الله- كل شيء من غير أن تدري. قامت أمي بتفريغ سلة الملابس المتسخة بيديها، للبحث عن شيء، وأعادت الملابس بكلتا يديها للسلة، ومن بين هذه الملابس ملابس متنجسة كغطاء بال عليه أخي الصغير، عمره ثماني سنوات، منذ أيام، وبعض الملابس مبللة، وأعتقد أنها متنجسة أيضا، وهذا كله أستطيع الحلف عليه، فتنجس يديها أمر محتوم يراه غير الموسوس، وأرجو أن تأخذوا بعين الاعتبار هذا. وبعد ذلك لم تغسل يديها، أما أنا فأردت التجاهل لكنني لم أستطع؛ لتيقني من تنجس يديها، ولأنها من تعد لنا الطعام. فراقبتها لعلها تغسل يديها حتى أرتاح، وأحيانا كنت أحاول الهرب إلى غرفة أخرى حتى لا أراها، وأقول فيما بعد لعلها غسلت يديها. وبعد مرور حوالي ساعة، توجهت إلى المطبخ لإعداد الطعام، فلمست بعض أغراض المطبخ وفيها بعض آثار دهون الطبخ، ثم قامت بغسل بيضتين، فصبت الماء، فأظن أني رأيت الماء جرى على باطن كفها اليسرى، وهي تحمل البيضة، أما اليمنى فأظن أن الماء أصاب بعضها فقط وليس كلها. أثناء ذلك أخبرتها أن تغسل يديها؛ لأن الملابس التي أمسكتها كانت نجسة، لكنها نفت تنجسها، وأظن أنها لم تكن تعرف بذلك، أم تظن أن هذا شيء تافه، واتهمتني بالوسوسة، فتركتها وذهبت. وكان هذا الطعام عجينا سائلا، يستلزم صب الماء فوق الدقيق، واستعمال اليد للخلط، وقد ذهبت قبل أن تبدأ في إعداده. بعد مدة لحقتني، وأرادت تهدئتي، وقالت إنها غسلت يديها ووجهها بالصابون قبل إعداد الطعام، ليس لأنها أمسكت الملابس بل لسبب آخر. وأعتقد إن لم أقل أكاد أجزم أنها كذبت علي حتى تهدئني؛ لأنها تعرف أنني موسوسة. وحتى ولو فعلت -وهذا احتمال جد ضئيل-وقد أخذته لأنها كانت تنوي الخروج من المنزل، فاحتمال أنها غمست يديها وبهما الصابون في ماء قليل، من نصف لتر إلى لتر ماء، احتمال كبير لأنه لم يكن لدينا ماء كثير. وكما قلت احتمال كذبها علي لتهدئني كبير أيضا، وذلك من خلال أسلوب حديثها. فماذا أفعل؟ والكارثة أنه بعد طهي هذا الطعام، دهنته بالزبدة الذائبة؛ وبالتالي جميع ما في المطبخ، والمناديل وغيرها أصابها هذا الدهن. فقد مسحت يديها في مئزر المطبخ، وكل من في البيت مسحوا أيديهم في مناديل الطبخ؛ لأنه لم يكن لدينا ماء كاف، وكان لدينا بعض معارفنا أيضا ومن بينهم أطفال صغار، ومقابض الباب أصابها الدهن و و.... أما أنا فقررت أن آخذ بكلامها بأنها غسلت يدها، حتى أرتاح من جحيم النجاسة؛ لكنني لست مرتاحة أبدا؛ لأنني شبه متأكدة بأنها كذبت علي لمسايرتي؛ لأنها تعرف أنني موسوسة، ولأنها تظن نفسها محقة وتريد بي خيرا. فهل آخذ بهذا أي أنه يسير معفو عنه، أم يلزمني تطهير كل ما أصابه الدهن، وأدوات المطبخ والتي تستعملها كلما أرادت الطبخ. وقد أكلت الطعام، ومضطرة لأكل كل ما تطبخ لأسايرها، وكي لا تشك أنني ما زلت أفكر في الموضوع. أرجو حجب هذه الفتوى، ومتأسفة على مثل هذه الأسئلة، ولكنني لا أريد العودة إلى طقوس غسل أدوات المطبخ، وفي الوقت نفسه أحس بتأنيب الضمير؛ لأنني لم أنبهها لغسل يديها برفق منذ البداية، لعلها كانت تفعل، ولكنني خفت من ردة فعلها. كما أرجو الإسراع في الرد -إن تفضلتم-لأنني في حال يرثى لها. جزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهوني عليك، ودعي عنك هذه الوساوس، ولا تبالي بها، ولا تعيريها اهتماما، كما نصحناك بذلك من قبل، والأصل صدق أمك فيما أخبرتك به، كما أن الأصل عدم تنجس هذه الثياب، وعدم إصابة يد أمك بالنجاسة أصلا لو فرض كون هذه الثياب متنجسة؛ فإن انتقال النجاسة لا يحكم به بمجرد الشك. فكل هذه الأفكار التي تعرض لك من نزغات الشيطان، وتلبيسه عليك، فتجاهليها ولا تبالي بها، ولا تغسلي شيئا من أدوات المطبخ أو غيرها، فكل هذا طاهر لم تصبه نجاسة والحمد لله، وانظري لبيان كيفية علاج الوساوس الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.