عنوان الفتوى : حكم إهداء أشياء يغلب على الظن استعمالها في الحرام
إذا كان غالب أحوال النساء في بلد ما هو التبرج، هل يجوز أن تهدي المرأة أو تتصدق بمكياج وطلاء أظافر وماسكرا وكريم أساس، (وصبغات ومستحضرات الشعر) (وملقاط وأعشاب وماكينة إزالة الشعر) إن كانت ستتنمص به (ترقق الحاجب) أو قلم إلكتروني برأسه إبرة دقيقة [إذا كانت ستشم به (تاتُّو)] وعدسات ملونة وكحل وعطر وبخور معطر، (وصابون وكريم وبودرة معطرين) ولبس ضيق (بادي وإسترتش) يشف ـ قصير (بنصف أو ثلثي كم أو حتى بدون كم أو لا يصل للقدمين) أو بفتحة تظهر جزءا من الرجل ـ مطرز ـ مزخرف ـ لامع ـ بألوان تلفت الانتباه)، أو [معصم وقفاز (جوانتي)، وجورب (شراب)] بألوان تشبه لون الجلد (بيج بدرجاته)، طرحة (بترتر، بشراشيب، بتاج، بشريط ذهبي أو فضي، بونيه) لبس عليه قلب أو شفاه عليها رُوج، أو صور ناس، أو كلمات أجنبية أو عربية بمعنى سيئ، أو لا يعرف الناس معناها؟!.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم لا يجوز له أن يعين على المعصية، وإذا علم علما محققا أو غلب على ظنه أن من يهدي إليه الهدية سيستخدمها في الشر، أو فيما هو مخالف للشرع، فلا يجوز إهداؤها له ولا التصدق عليه بها؛ لأنه إن فعل كان معينا على الإثم، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
وروى ابن أبي شيبة في المصنف عن عطاء أنه قال: لا تبع العنب لمن يجعله خمراً صححه الألباني.
وقد ذكرنا غلبة الظن لأنها تنزل هنا منزلة العلم، كما هو الشأن في أغلب أحكام الشريعة، كما قال صاحب المراقي: بغالب الظن يدور المعتبر....
وقال الشاطبي في الاعتصام: الحكم بغلبة الظن أصل في الأحكام.
وقال المقري في قواعده: المعتبر في الأسباب، والبراءة، وكل ما ترتبت عليه الأحكام: العلم. ولما تعذر أو تعسر في أكثر ذلك أقيم الظن مقامه؛ لقربه منه. اهـ
ومن العلاج المناسب لمثل هذه الأحوال أن يسعى طلبة العلم في هداية المجتمعات وتوعيتهم ونصحهم وتذكيرهم بالله، ودعوتهم إلى الطاعات ونهيهم عن المعاصي بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالحسنى، وأن يجدوا في ذلك بعلم وإخلاص وصبر، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسعي في تغييره مما أمر الله به المؤمنين، قال الله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {آل عمران:104}، وقال تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {لقمان:17}.
وقد وصف الله سبحانه المؤمنين بأنهم: يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فقال: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {التوبة:71}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم
وانظر الفتوى رقم: 228241، بعنوان: حكم ترك مساعدة الناس خوفا من استخدامهم هذه المساعدة في الحرام.
والله أعلم.