عنوان الفتوى : حكم إعطاء الزكاة للفقير القادر على الكسب
زكاة المال هل يمكن إعطاؤها لقريب رجل شاب لا يعمل، ومعه أولاد، وزوجة، ولكن لا يعمل ربما لكسل منه، وعدم الجدية، على الرغم من أن حالته المادية صعبة، ولا يجد ما ينفقه، فهل يمكن إعطاؤه من زكاة المال؟ أم لا يجوز لأنه متكاسل عن العمل، ربما يوجد به بعض المرض، ولكني أظن أنه لا يعيقه عن العمل. وأيضا إذا قال لي هذا الشخص إنه يريد بعض الأشياء لأولاده، ويريدني أن أشتري له هذه الأشياء، حيث إنني فى سفر، فهل يمكن أن أشتري له هذه الأشياء من زكاة المال التي أريد أن أخرجها، وتعتبر زكاة مال، أم لا تعتبر كذلك، وتعتبر هدايا؟ وما هو سعر الذهب الذى أحسب على أساسه مقدار النصاب؟ فمثلا: سعر الذهب المعلن فى مصر هو263 جنيها، ولكن عندما أذهب لشرائه من السوق تضاف أجرة الصناعة ويباع ب280 تقريبا، فعلى أي مبلغ يتم الحساب؟ وأيضا إذا كنت في سفر، وأريد أن أخرج زكاة المال هل أخرجها بسعر بلدي أم بسعر البلد الذي أعمل فيه، إن كنت أريد أن أرسله إلى بلدي، وتخرج من هناك؟ وكيف أخرج الزكاة إذا كان النصاب مكتملا، ولكن ليس كل المبلغ مر عليه الحول؟ آسف على الإطالة، وأرجو من حضراتكم أن تكون الإجابة على كل النقاط التى طرحتها، حيث إنه ليس عندي معلومات، وأريد أن أتعلم من حضراتكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه؛ أما بعد :
فجوابنا يتلخص فيما يلي :
1) فأما إعطاء الزكاة للفقير القادر على الكسب فهو محل خلاف بين الفقهاء؛ فمنهم من منع إعطاءه من الزكاة، ومنهم من أجاز، جاء في الموسوعة الفقهية: مَنْ كَانَ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ قَادِرًا عَلَى كَسْبِ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ يُمَوِّنُهُ، أَوْ تَمَامِ الْكِفَايَةِ، لَمْ يَحِل لَهُ الأْخْذُ مِنَ الزَّكَاةِ، وَلاَ يَحِل لِلْمُزَكِّي إِعْطَاؤُهُ مِنْهَا، وَلاَ تُجْزِئُهُ لَوْ أَعْطَاهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِحَالِهِ، لِقَوْل النَّبِيِّ فِي الصَّدَقَةِ:لاَ حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلاَ لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ ، وَفِي لَفْظٍ: لاَ تَحِل الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلاَ لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَى مَنْ يَمْلِكُ أَقَل مِنْ نِصَابٍ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مُكْتَسِبًا، لأِنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ مِسْكِينٌ، وَهُمَا مِنْ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ .... وَمِثْلُهُ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُمْ ... اهــ مختصرا .
والمفتى به عندنا هو قول الحنابلة والشافعية، وعليه؛ فإذا علمت أن القريب الفقير المشار إليه قادر على الكسب فلا تعطه الزكاة، والشخص الذي طلب منك أن تشتري أغراضا لأولاده، إن كان فقيرا أو مسكينا غير قادر على الكسب جاز لك أن تحسب مبلغ الشراء من الزكاة، وإن لم يكن فقيرا ولا مسكينا لم يجز .
2) والمبلغ الذي يقدر به النصاب في النقود هو: ثمن الذهب الخالص من غير ثمن الصنعة، فانظر إلى ثمن الذهب الخالص عيار أربعة وعشرين، فإن ملكت من النقود ما يمكنك أن تشتري به خمسة وثمانين جراما من خالص الذهب، أو خمسمائة وخمسة وتسعين جراما من خالص الفضة فقد ملكت النصاب، فإذا حال عليه الحول وجبت فيه الزكاة، ومقدارها ربع العشر أي : 2.5 % .
3) وتخرج زكاة النقود التي حال عليها الحول بعد بلوغ النصاب ، وأما التي لم يمر عليها الحول فإن لها حالين : أولهما: أن تكون ربحا ناتجا عن النقود التي بلغت النصاب، وحال عليها الحول، وفي هذه الحال تزكيها مع تلك النقود وجوبا.
ثانيها: أن لا تكون ربحا ناتجا عن النقود التي بلغت نصابا، وحال عليها الحول ، فتخرج زكاتها عند حلول حولها، ولو كانت أقل من نصاب، ولا يلزمك أن تزكيها مع تلك النقود التي بلغت نصابا، وحال عليها الحول، وإنما يجوز لك أن تخرج زكاتها معها، وانظر الفتوى رقم 169275 عن زكاة المال المستفاد، وكذلك الفتوى رقم 144581.
4) وإذا كنت في بلد، ومالك الذي تريد أن تزكيه في بلد آخر، فإنك تخرج زكاة المال في بلد المال الذي هو فيه، وليس في البلد الذي أنت فيه، قال ابن قدامة في المغني: فصل: قال أحمد في رواية محمد بن الحكم: إذا كان الرجل في بلد وماله في بلد فأحب إلي أن تؤدى حيث كان المال، فإن كان بعضه حيث هو وبعضه في مصر يؤدي زكاة كل مال حيث هو. اهـ، وجاء في كشاف القناع: أخرج زكاة كل مال في بلده ـ أي بلد المال متفرقا كان أو مجتمعا ـ لئلا تنقل الصدقة عن بلد المال، ولأن المال سبب الزكاة فوجب إخراجها حيث وجد السبب. اهـــ، وانظر الفتوى رقم: 117088 .
والله تعالى أعلم.