عنوان الفتوى : هل يصح حديث؛ أن الجراد أول أمة تهلك؟
قال لي البعض ان الدينصورات لم تنقرض وأعطاني حديث خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى أَلْفَ أُمَّةٍ مِنْهَا سِتُّ مِائَةٍ فِي الْبَحْرِ وَأَرْبَعُ مِائَةٍ فِي الْبَرِّ ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَهْلِكُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ الْجَرَادُ ، فَإِذَا هَلَكَ تَتَابَعَتْ مِثْلَ النِّظَامِ إِذَا قُطِعَ سِلْكُهُ . هل يعد أهل العلم أن هذا الحديث دليل على عدم انقراض الدينصورات لأنها ستنقرض بعد الجراد وليس قبله وجزاكم الله خيرا
الحمد لله
مسألة وجود الديناصورات في القدم وانقراضها، أقام عليها الباحثون من أهل الاختصاص بمثل هذه العلوم أدلة حسية عديدة ولا نعلم في شرعنا ما يكذّب ذلك أو يرده، وراجع الفتوى رقم (166097).
وأما الحديث الذي ذكرته فلا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ وتفصيل ذلك:
هذا الحديث رواه أبو يعلى كما في "المطالب العالية" (10 / 659) وفيه: قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، ثنا محمَّد بْنُ عِيسَى ابن كَيْسَانَ، ثنا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَلَّ الْجَرَادُ فِي سَنَةٍ مِنْ سِنِي عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّتِي وَلِيَ فِيهَا فَسَأَلَ عَنْهُ فَلَمْ يُخْبَرْ بِشَيْءٍ فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ، فَأَرْسَلَ رَاكِبًا إِلَى الْيَمَنِ وَرَاكِبًا إِلَى الشَّامِ وَرَاكِبًا إِلَى الْعِرَاقِ فَسَأَلَ هَلْ رُوي مِنَ الْجَرَادِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ فَأَتَاهُ الرَّاكِبُ الَّذِي مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ بِقَبْضَةٍ مِنَ جَرَادٍ فَأَلْقَاهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا رَآهَا كَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( خَلَقَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ أَلْفَ أُمَّةٍ، مِنْهَا سِتُّمِائَةٍ فِي الْبَحْرِ وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِي الْبَرِّ فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَهْلِكُ مِنْ هذه الأمة الجراد، فإذا هَلَكَتْ تَتَابَعَتْ مِثْلَ النِّظَامِ إِذَا انْقَطَعَ سِلْكُهُ ).
ورواه ابن حبان في "المجروحين" (2 / 256 - 257) قال " أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبيد الله بن واقد القيسي أبو عباد قال: حدثني محمد بن عيسى بن كيسان قال: حدثنى بن المنكدر ... فذكر الحديث.
ورواه ابن عدي في "الكامل" (7 / 57 – 58) و (7 / 487) والدولابي في "الكنى والأسماء" (2 / 712)، وابن أبي عاصم في "الأوائل" (ص 90 – 91)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (12 / 412 – 414)، وأبو الشيخ في "العظمة" (5 / 1783)، والداني في "السنن الواردة في الفتن" (5 / 985).
كلهم من طريق عُبَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ الْقَيْسِيُّ عن مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْهُذَلِيُّ به.
وعبيد بن واقد القيسي: ضعيف الحديث.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" قال أبو حاتم: ضعيف الحديث.
قلت: وذكره بن عدي في "الكامل"، وأورد له أحاديث، ثم قال: وعامة ما يرويه لا يتابع عليه.
وقال في ترجمة إسماعيل بن يعلى: شيخ بصري من جملة الضعفاء " انتهى. "تهذيب التهذيب" (3 / 41 - 42).
ومحمد بن عيسى الهذلي:
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" محمد بن عيسى بن كيسان الهلالي العبدي.
عن ابن المنكدر، والحسن البصري.
قال البخاري، والفلاس: منكر الحديث.
وقال أبو زرعة: لا ينبغي أن يحدَّث عنه.
وقال ابن حبان: يأتي عن ابن المنكدر بعجائب.
وقال الدارقطني: ضعيف، ووثقه بعضهم " انتهى. "ميزان الإعتدال" (3 / 677).
وقال الذهبي في "المغني في الضعفاء" (2 / 622):
" محمد بن عيسى بن كيسان، الهلالي العبدي، عن ابن المنكدر، ضعفوه بمرة " انتهى.
وقد ساق ابن حبان حديثه هذا في كتابه "المجروحين" (2 / 256 - 257)، وحكم عليه بأنه موضوع لا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال رحمه الله تعالى:
" محمد بن عيسى بن كيسان الهذلي: كنيته أبو يحيى صاحب الطعام، من أهل البصرة، ويقال له: العبدي، شيخ يروي عن محمد بن المنكدر العجائب، وعن الثقات الأوابد، لا يجوز الاحتجاج بخبره، إذا انفرد، روى عنه أهل البصرة.
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عبيد الله بن واقد القيسي أبو عباد قال حدثني محمد بن عيسى بن كيسان قال حدثني بن المنكدر عن جابر بن عبد الله ...
فذكر الحديث كاملا ، ثم قال:
وهذا شيء لا شك أنه موضوع ، ليس هذا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى.
وقال الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله تعالى:
" كلامهم في محمد بن عيسى شديد مع إقلاله، والخبر منكر جداً، والأمم أكثر مما ذكر. وقد انقرض منها أنواع، ومنها ما يتوقع انقراضه قبل الجراد " انتهى. "الفوائد المجموعة" (ص 459).
فالخلاصة؛ أن الحديث لا يصح ، وهو موضوع كما نص على ذلك المحققون من أهل العلم.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري |
---|
هل يصح حديث؛ أن الجراد أول أمة تهلك؟ |