عنوان الفتوى : حكم من جامع زوجته قبل قضاء كفارة الظهار جهلا بالحكم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كنت قد حلفت على زوجتي يمين ‏ظهار، وسقط. وكنت لا أعرف ‏حكمه، وباشرت حياتي بصورة ‏عادية. ومنذ فترة عرفت أنه يجب ‏علي صيام شهرين متتاليين، من قبل ‏أن أمسها. وبدأت فعلا في الصيام.‏ فسؤالي هنا:‏ ‏1-ما حكم مباشرتي لها عن جهل؟ ‏2-أنا مفرط في الشهوة؛ ولذلك كنت ‏قد باشرت زوجتي في إحدى الليالي ‏بمقدمات الجماع؛ مما أدى إلى ‏القذف، ولكن دون وطء.‏ ‏ فهل ذلك حرام؟ وهل علي إعادة ‏الشهرين؟ بارك الله في مشايخنا، وجزاهم عنا ‏كل خير.‏

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على ‏رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما ‏بعد: ‏
فأما مسُّك لزوجك قبل التكفير، جاهلا ‏بالحكم. فنرجو أن تكون معذورا بهذا ‏الجهل، وألا يلحقك إثم لذلك، ولا ‏يلزمك بهذا المس شيء زائد على ‏الكفارة؛ وانظر الفتوى رقم: ‏‏14225.‏
‏ وأما استمتاعك بزوجتك بمقدمات ‏الجماع، في أثناء الكفارة، فمحرم ‏عند الجمهور؛ لقوله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا {المجادلة:4}. وقيل لا يحرم غير ‏الجماع، والأحوط قول الجمهور.‏
‏ قال ابن قدامة: فَأَمَّا التَّلَذُّذَ بِمَا دُونَ ‏الْجِمَاعِ، مِنْ الْقُبْلَةِ، وَاللَّمْسِ، ‏وَالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، فَفِيهِ ‏رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا يَحْرُمُ. وَهُوَ اخْتِيَارُ ‏أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، ‏وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَصْحَابِ ‏الرَّأْيِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّخَعِيِّ، وَهُوَ ‏أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ مَا حَرَّمَ ‏الْوَطْءَ مِنْ الْقَوْلِ، حَرَّمَ دَوَاعِيَهُ، ‏كَالطَّلَاقِ، وَالْإِحْرَامِ.‏

وَالثَّانِيَةُ، لَا يَحْرُمُ. قَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو ‏أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ. وَهُوَ قَوْلُ ‏الثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ. ‏وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ. وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي ‏لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ يَتَعَلَّقُ بِتَحْرِيمِهِ ‏مَالٌ، فَلَمْ يَتَجَاوَزْهُ التَّحْرِيمُ، كَوَطْءِ ‏الْحَائِضِ. انتهى. ‏
وإذا علمت هذا، فإن الواجب عليك ‏أن تمضي في كفارتك، وتستغفر الله ‏تعالى، ولا يلزمك استئناف الصوم ‏في قول كثير من أهل العلم.‏
‏ وقد اختلف العلماء فيمن وطئ في ‏أثناء تكفيره بالصوم هل ينقطع تتابع ‏صومه أو لا ينقطع؟ على قولين.

قال ‏ابن قدامة: وَإِنْ أَصَابَهَا فِي لَيَالِي ‏الصَّوْمِ، أَفْسَدَ مَا مَضَى مِنْ صِيَامِهِ، ‏وَابْتَدَأَ الشَّهْرَيْنِ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، ‏وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَصْحَابُ ‏الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَصِيَامُ ‏شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ‏‏[المجادلة: 4]. فَأَمَرَ بِهِمَا خَالِيَيْنِ ‏عَنْ وَطْءٍ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِمَا عَلَى مَا ‏أُمِرَ، فَلَمْ يُجْزِئْهُ، كَمَا لَوْ وَطِئَ نَهَارًا، ‏وَلِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ لِلْوَطْءِ لَا يَخْتَصُّ النَّهَارَ، ‏فَاسْتَوَى فِيهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ‏كَالِاعْتِكَافِ. وَرَوَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ، ‏أَنَّ التَّتَابُعَ لَا يَنْقَطِعُ بِهَذَا، وَيَبْنِي. ‏وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، ‏وَابْنِ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ لَا يُبْطِلُ ‏الصَّوْمَ، فَلَا يُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ، كَوَطْءِ ‏غَيْرِهَا، وَلِأَنَّ التَّتَابُعَ فِي الصِّيَامِ ‏عِبَارَةٌ عَنْ إتْبَاعِ صَوْمِ يَوْمٍ لِلَّذِي ‏قَبْلَهُ، مِنْ غَيْرِ فَارِقٍ، وَهَذَا مُتَحَقِّقٌ، ‏وَإِنْ وَطِئَ لَيْلًا، وَارْتِكَابُ النَّهْيِ فِي ‏الْوَطْءِ قَبْلَ إتْمَامِهِ إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالتَّتَابُعِ ‏الْمُشْتَرَطِ، لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ وَإِجْزَاءَهُ، ‏كَمَا لَوْ وَطِئَ قَبْلَ الشَّهْرَيْنِ، أَوْ وَطِئَ ‏لَيْلَةَ أَوَّلِ الشَّهْرَيْنِ وَأَصْبَحَ صَائِمًا، ‏وَالْإِتْيَانُ بِالصِّيَامِ قَبْلَ التَّمَاسِّ فِي حَقِّ ‏هَذَا، لَا سَبِيلَ إلَيْهِ، سَوَاءٌ بَنَى، أَوْ ‏اسْتَأْنَفَ. انتهى.‏
‏ فإن قلنا إن المباشرة كالوطء في ‏التحريم، فكذا في قطع التتابع.‏
‏ قال الموفق: وَإِنْ لَمَسَ الْمُظَاهِرُ ‏مِنْهَا، أَوْ بَاشَرَهَا دُونَ الْفَرْجِ عَلَى ‏وَجْهٍ يُفْطِرُ بِهِ، قَطَعَ التَّتَابُعَ؛ لِإِخْلَالِهِ ‏بِمُوَالَاةِ الصِّيَام. انتهى.‏
‏ والحاصل أنه على القول بجواز ‏المباشرة، فلا إشكال، وعلى قول ‏الجمهور بمنع المباشرة قبل التكفير، ‏ففي انقطاع التتابع إذاً الخلاف ‏المذكور، ولا حرج عليك-إن شاء ‏الله-في العمل بقول من لا يشترط ‏استئناف الصوم، وأن تبني على ما ‏مضى من كفارتك، ولو احتطت ‏واستأنفت الصوم، فهو أحسن. ‏
والله أعلم.‏
 

أسئلة متعلقة أخري
حكم الظهار المعلق وكفارته
وجوب الترتيب في كفارة الظهار
معاشرة الزوج زوجته قبل انتهاء المدة التي حرمت فيها نفسها عليه
كفارة الظهار المعلق إذا وقع ما علق عليه
كفارة الظهار المعلق عند الرجوع عنه
لا يجزئ الإطعام في كفارة الظهار إلا عند العجز عن العتق والصيام
هل ينقطع تتابع صيام من جامع امرأته في الشهرين؟
حكم الظهار المعلق وكفارته
وجوب الترتيب في كفارة الظهار
معاشرة الزوج زوجته قبل انتهاء المدة التي حرمت فيها نفسها عليه
كفارة الظهار المعلق إذا وقع ما علق عليه
كفارة الظهار المعلق عند الرجوع عنه
لا يجزئ الإطعام في كفارة الظهار إلا عند العجز عن العتق والصيام
هل ينقطع تتابع صيام من جامع امرأته في الشهرين؟