عنوان الفتوى : حرمة الذهاب إلى الساحر ولو كان غير مصدق له
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد: أصبت منذ أشهر بداء الصفراء، وأول قراءة لنتائج التحاليل كانت خاطئة؛ إذ ظن أهلي أني مصاب بفيروس مميت. كان الجو العام في المنزل صعبا جدا، وفي تلك الفترة عرضت خالتي على أمي إخراجي من المستشفى، والذهاب بي إلى إحدى النساء اللاتي يدعين القدرة على علاج هذا الوباء بطرق مشبوهة. رفضت ذلك بشدة، ولكن مارس علي أهلي في ذلك الوقت الحرج كل أنواع الضغط كي أذهب إلى هذه المرأة. سألت أحد الإخوة، وهو على درجة من العلم، فرأى أن الأمر مباح، عندها تنازلت، وذهبت بالرغم من شبه يقيني أن المرأة تدعي العلاج ولكنها ساحرة، دجالة. عند ذهابي وضعت في عنقي خيط به عقد، ونفثت فيه، وأمرتني ألا أنزعه حتى يسقط بمفرده، بعد عدة أيام نزعت الخيط؛ لأني لا أصدق هذه الافتراءات، لكن الآن ما هو حكمي. هل ارتكبت إثما وهل علي من توبة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الشفاء، والعافية.
واعلم أنه لا يجوز الإتيان للسحرة، ولا سؤالهم عن حال المريض، ولا تصديقهم فيما يزعمون أنه حاصل من السحر، ويدل لذلك ما روي عن ابن مسعود قال: من أتى عرافاً، أو ساحراً، أو كاهنا فسأله، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه أبو يعلى والبزار ورجاله ثقات، كما قال الهيثمي، وهو موقوف، ولكن مثله لا يقال بالرأي كما قال ابن حجر في الفتح.
وعليه، فقد كان عليك أن تظل على موقفك الرافض للذهاب إلى تلك المرأة إن كانت ساحرة؛ لأن مجرد الذهاب إليها حتى من غير تصديق لها حرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أتى عرافاً فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً. رواه مسلم.
وليس لأحد أن يفتيك بجواز الذهاب إلى السحرة، وحيث إنك قد ذهبت إليها تحت ضغوط الأهل، وفتوى ذلك الأخ - هداه الله - ظانا أن ذلك مباح، فنرجو أن لا يكون عليك وزر في ذلك، ولكن الأحوط أن تتوب إلى الله تعالى وفق الشروط المبينة في الفتوى رقم: 78925
وبالتوبة الصادقة يعفو الله عنك، ويمحو ما كان منك، فالتوبة تمحو كل الذنوب.
وراجع - للفائدة - الفتاوى وذات الأرقام التالية: 1858، 8631، 21278، 24876.
والله أعلم.