عنوان الفتوى : الخوف المحمود هو الذي يحجز صاحبه عن المحارم
أنا مبتلى بالوسواس القهري وأبالغ في بعض الأمور، فعندما أتوب فإنني أتشقق في التفكير في جهنم، حتى ولو كنت مشغولا، فإنني أجلس أفكر وأستجلب الأفكار حول جهنم بمبالغة، وذلك كله من أجل تحقق شرط الندم على فعل المعصية، لأنني أشعر أنني لم أندم رغم أنني لا أتمنى فعل المعصية، لكنني لا أندم إلى درجة البكاء، بل الحزن فقط، لا أتمنى ذلك، ولست سعيدا بفعلي لتلك المعصية، فهل يكفي ذلك أم لابد من الحزن والندم الحقيقي؟ وهل تشققي في استجلاب الأفكار يعتبر غلوا؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتفكر في جهنم، هو من جنس الخوف الذي أمرنا الله به في مواضع كثيرة، وطريق معرفة كون هذا غلواً، أو وسوسة، أو استقامة، هو النظر في مؤداه، هل يؤدي إلى الطاعة، وترك الحرام، أم يشفي حاجة النفس فحسب، ولا يترك أثراً في زيادة الطاعة، وترك المعصية، قال ابن القيم في مدارج السالكين: والخوف ليس مقصودا لذاته، بل هو مقصود لغيره قصد الوسائل، ولهذا يزول بزوال المخوف، فإن أهل الجنة لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والخوف يتعلق بالأفعال، والمحبة تتعلق بالذات والصفات، ولهذا تتضاعف محبة المؤمنين لربهم إذا دخلوا دار النعيم، ولا يلحقهم فيها خوف، ولهذا كانت منزلة المحبة ومقامها أعلى وأرفع من منزلة الخوف ومقامه، والخوف المحمود الصادق: ما حال بين صاحبه وبين محارم الله عز وجل، فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط، قال أبو عثمان: صدق الخوف هو الورع عن الآثام ظاهرا وباطنا ـ وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله. انتهى.
فقس نفسك على هذا، واحذر أن يكون مدخل الشيطان معك البكاء حتى ترضى عن نفسك، ولا يكون عمل، وإنما توقف وراجع للفائدة الفتوى رقم: 61613.
وقد بينا حقيقة الندم، وطريق تحصيله في الفتويين رقم: 243763، ورقم: 181459.
والله أعلم.