عنوان الفتوى : زكاة الزروع للأرض المؤجرة هل تؤخذ من المالك أم من المستاجر؟
رجل استأجر أرضا زراعية وفي نهاية العام دفع الإيجار لمالك الأرض فهل يجوز خصم قيمة الإيجار من زكاة زروعه؟أفيدونا وجزاكم الله خيراً
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى أوجب زكاة الزروع، وذلك بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ [البقرة:267].
والخطاب هنا لصاحب الزرع سواء كانت الأرض ملكاً له أو كان مستأجراً لها. فيجب عليه أن يؤدي حقوق زرعه يوم حصاده، ممتثلاً بذلك قول الله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141]. وسيكون ذلك تزكية له وتطهيراً.
والذي عليه الجمهور أن الزكاة على المكتري للأرض دون ما لكها، كما قال ابن قدامة في المغني المجلد الثاني ص: 579 ونصه: (من استأجر أرضاً فزرعها فالعشر عليه دون مالك الأرض، وبهذا قال مالك والثوري وشريك وابن المبارك والشافعي وابن المنذر، وقال أبو حنيفة: على مالك الأرض لأنه من مؤونتها أشبه الخراج). انتهى.
وجمهور العلماء من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم يرون أن مؤونة الزرع والحرث والحصد لا تخصم من المحصول، بل تجب زكاة جميع ما خرج من الأرض.
والذي يظهر أنه لا فرق بين أجرة الأرض وهذه المؤن.
فيجب على المكتري زكاة جميع ما حصد، وقال الرافعي في الشرح الكبير : ( لا فرق بين ما تنبته الأرض المملوكة والأرض المكتراة "المستأجرة" في وجوب العشر والإجارة، كما لو اكترى حانوتاً للتجارة تجب عليه الأجرة وزكاة التجارة جميعاً .
وقد رأى بعضهم أن من الإجحاف بالمستأجر أن يبذل في الأرض جهده وعرقه ويدفع أجرته ثم يطالب بعد ذلك بالزكاة ، ورأوا أن أجرة الأرض من نفقات الزرع المحتاج إليها، والمحتاج إليه كالمعدوم، فلا تجب عليه إلا زكاة الصافي بعد دفع الكراء والأخذ بالقول الأول أحوط وأسلم، خصوصاً أنه هو الراجح دليلاً لعموم الآية التي صدرنا بها الجواب، ولكونه قول أكثر أهل العلم.
والله أعلم.