عنوان الفتوى : معاداة العاملين في الحقل الإسلامي.. رؤية شرعية واقعية
سؤال يشغل بالي منذ فترة: يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن الله تعالى: ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب). قرأت أن معناه أي من عاداه لدينه، ولكن هل يدخل فيه ما يحدث في مصر أو بعض البلاد الإسلامية من معاداة كل المنتمين للتيار الإسلامي، وكثير منهم يعادونهم بسبب التشويه الإعلامي الذي يصورهم على أنهم كاذبون ومنافقون، ويظهرون ما لا يبطنون، ويتهمونهم بتهم كثيرة لا تخفى عليكم، فهم يعادونهم لأنهم يظنون أنهم على باطل، ولكن هذا خلاف الواقع. فهل هذا يدخل تحت قوله: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب؟ وهل من يعادونهم معذورون بالجهل؟ أم أن تنوع وسائل الإعلام، ووجود الإعلام الواضح الذي يظهر الحقيقة؛ كل ذلك ينفي عنهم العذر بالجهل؟ أفيدونا، بارك الله فيكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معاداة وظلم أهل الدعوة والعلم وخدمة الإسلام تدخل في معاداة أولياء الله تعالى، فإن المراد بولي الله كما قال الحافظ في الفتح: العالم بالله، المواظب على طاعته، المخلص له في عبادته؛ كما قال الله تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ. {يونس: 63، 62}. اهـ
ونقل النووي رحمه الله في "التبيان في آداب حملة القرآن" عن أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله أنهما قالا: إن لم يكن العلماء أولياء الله، فليس لله ولي. اهـ
وقال البغوي في التفسير : وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب. وقال: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة. اهـ ، وراجعي الفتوى رقم : 123600.
وراجعي للمزيد في الموضوع، وفي اهتمام أعداء الله من اليهود بالإيقاع بالدعاة والعلماء وتنقيصهم الفتوىين رقم :15399 ، 18788. وراجعي في رد شبهة اتهامهم بالنفاق الفتوى رقم : 33980.
وأما عن الذين يعادون إخوانهم بناء على ما يسمعونه أو يقرؤون في الإعلام فهم مخطؤون ولا شك؛ لأن الله تعالى قال في كتابه الكريم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ {الحجرات:12}، وقال صلى الله عليه وسلم : مرحبا بك من بيت، ما أعظمك، وأعظم حرمتك، وللمؤمن أعظم حرمة عند الله منك، إن الله حرم منك واحدة، وحرم من المؤمن ثلاثا؛ دمه، وماله، وأن يظن به ظن السوء. أورده الألباني في السلسلة الصحيحة.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة يأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تباغضوا، وكونوا إخوانا.. ، وآخر الحديث يبين المنهج الذي ينبغي أن يسير عليه المسلمون، وهو التآخي ونبذ الخلافات، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا. المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره. التقوى ها هنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات. بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه .
والله نسأل أن يؤلف بين قلوب المسلمين، وأن يوحد كلمتهم .
والله أعلم.