عنوان الفتوى : ما هو اسم الله الأعظم ، الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى ؟
كنت قد رأيت قبل مدة في المنام أني أدعو الله تعالى بدعوة غريبة غير مفهومة ، وتحدث الاستجابة في الحال ، وـ سبحان الله ـ وكان الأمر حقيقيا ، ثم تأثرت بما رأيت ، فسألت بعض الإخوة فأكد لي أنه يوجد اسم اعظم لله يخرق الله به العادة لمن دعاه به ، لكنه أخبرني بأنه مختص فقط لأولياءه الصالحين ، وليس لكل الناس ، كلامه هذا أحبطني فأنا أدعو الله منذ مدة أن يوفقني لمعرفة هذا الاسم العظيم فسؤالي هنا : 1) هل يوجد حقا اسم أعظم لله إذا دعي به أجاب في الحال ؟ 2)هل هذا الاسم يخرق الله به العادة لمن دعاه به ؟ 3) هل هو مختص لأولياءه فقط أم لجميع الناس ؟ 4)هل يجوز أن أدعو الله أن يطلعني على هذا الاسم ؟
الحمد لله
أولا :
نعم ؛ من أسماء الله تعالى : اسمه الأعظم ، الذي من دعاه به أجابه ، ومن سأله به
أعطاه .
وقد ورد في شأنه عدة أحاديث صحيحة ، ذكرناها في جواب السؤال رقم : (146569)
.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا
الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة) ،
ومنها الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى، فأسماء الله جل وعلا
لا يعلم عددها إلا هو، وكلها حسنى " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (2/ 413).
ثانيا :
اختلف العلماء في تعيين اسم الله الأعظم ، على أربعة عشر قولاً ، ذكرها الحافظ ابن
حجر في " فتح الباري " .
وقول أكثر أهل العلم أن " الله " هو الاسم الأعظم ، كما ذكرنا في جواب السؤال
المتقدم ، وهو الراجح ، ويليه : " الحي القيوم " ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
:
" من أسمائه تعالى (الحي القيوم) وهو اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا
سئل به أعطى " انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (6/ 170) .
ثانيا :
لا يعني ما تقدم أن مجرد معرفة اسم الله الأعظم والدعاء به يخرق العادة ، ويأتي
بالمستحيلات ، ونحو ذلك ، وإنما المعنى : الحث على سؤال الله تعالى بأسمائه الحسنى
، والتأكيد على الاسم الجامع من أسمائه سبحانه ، ولذلك قال ابن القيم رحمه الله :
" اسم " الله " دالٌّ على جميع الأسماء الحسنى والصفات العليا بالدلالات الثلاث " .
انتهى من " مدارج السالكين " ( 1 / 32 ) .
والدلالات الثلاث هي : المطابقة والتضمن واللزوم .
فلما كان بهذه المثابة ، كان
الدعاء به أفضل ، وكانت الإجابة أجدر ، ثم ينظر في دعوة السائل وما يقارنها ويحيط
بها ، من الإخلاص وحضور القلب ، وعدم الاعتداء في الدعاء ، والإلحاح فيه ، وغير ذلك
من أسباب الإجابة ، وموانعها أيضا .
وينظر جواب السؤال رقم : (5113) لمعرفة أسباب إجابة الدعاء ، وموانعها .
وإجابة الدعاء إنما تكون
بإحدى ثلاث : إما أنْ يعجِّل الله له دعوتَه ، وإمَّا أنْ يدَّخر له من الخير مثلها
، وإما أنْ يصرف عنه من الشرِّ مثلها .
انظر السؤال رقم : (207858) .
فلا يلزم من قوله ( إذا دعي به أجاب ) : أن يُعطى الداعي ما دعا به في الحال ؛ بل الأمر على ما تقدم : إما أن يعطى مسألته ، أو يدخر له من الخير ، أو يصرف عنه من الشر .
ثالثا :
ليست معرفة اسم الله الأعظم خاصة بالخواص من أولياء الله والصالحين من عباده ، بل
قد يفتح باب المعرفة ، والسلوك في ذلك لآحاد المؤمنين ، وعامتهم ، وقد قال النبي
صلى الله عليه وسلم: ( ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم )
. رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (1647)، وصححه الألباني في " الصحيحة " (1803)
.
والمسلم يسأل الله حاجته ،
ويلح عليه في السؤال ، ويحسن الظن به ، ويأخذ بأسباب الإجابة ، ويتوكل على ربه ،
ويرضى بما قسم له ، ولا حرج في أن يدعو العبد ربه أن يفتح له باب المعرفة والدعاء
باسمه الأعظم ، ويتقبل ذلك منه ؛ وإن كان ينبغي له ـ أيضا ـ أن يدعو الله بأسمائه
الحسنى عامة ، ويتخير منها ما هو لائق بحاجته ومسألته ؛ وقد قال سبحانه : ( ولله
الأسماء الحسنى فادعوه بها ) الأعراف/180 ، وقال عز وجل : ( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ
أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى )
الإسراء/110 .
قال السعدي رحمه الله :
" يقول تعالى لعباده: (ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ) أي: أيهما شئتم.
( أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى) أي: ليس له اسم غير حسن ، حتى
ينهى عن دعائه به ، فأي اسم دعوتموه به ، حصل به المقصود ، والذي ينبغي أن يدعى في
كل مطلوب ، مما يناسب ذلك الاسم " .
انتهى من " تفسير السعدي " (ص 468) .
فانشغل بالدعاء ، وألح في الطلب ، وتقرب إلى الله بالطاعة والذكر ، وخذ بأسباب إجابة الدعاء ، واحذر موانعها ، واسأل الله بأسمائه وصفاته : يستجب لك بإذن الله ، ويعطك سؤلك .
والله أعلم .