عنوان الفتوى : الإسلام فيه مراتب ودرجات وليس فيه قشور

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد فإني أحبك في الله فضيله الشيخ لقد من الله علي بالمنهج السلفي ولكن أجد أهلي يعارضون هذا المنهج ويقولون إنكم تهتمون بالقشور أفدني آجرك الله

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فمنهج السلف الصالح وهم(الصحابة والتابعون لهم بإحسان) في العقيدة والسلوك والاستدلال هو خير المناهج وأفضلها، للحديث: " خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".
ونوصيك بالثبات عليه، ولو لاقيت فيه ما لاقيت، أما قول أهلك: إن المنهج السلفي يهتم بالقشور.
فإن كان المقصود بقولهم: إن في الدين قشوراً بمعنى أن فيه ما يطرح ويرمى، كما ترمى القشور، فقولهم هذا قول باطل، وجهل بالدين، فالدين كله لُبَّ، كله نافع للعبد، كله يثاب عليه، كله ينتفع به، كله يقرب إلى الله إذا أخلص العبد نيته لله تعالى، وأحسن في اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما إن كانوا يقصدون أن في الإسلام مراتب للمأمورات منها الواجب ومنها المسنون، وأن المنهيات مراتب منها المكروه، ومنها المحرم، والمحرم نوعان: صغائر، وكبائر، والكبائر تتفاوت.
وأن فيه كليات عامة وجزئيات، والأخيرة تفهم في ضوء مقاصد الكليات، وأن فيه ظنياً وقطعياً، والظني يرد إلى القطعي، وأن هناك أحكاماً معلومة من الدين بالضرورة يستوي في العلم بها الخاص والعام، وهناك أحكام يعلمها الخاصة دون العامة.
فكل هذا حق، والفقه معرفة هذه الأعمال ومراتبها الشرعية، ووضعها في موضعها الذي وضعها فيه الشرع، فيقدم الفرض على الواجب، والواجب على السنة، والسنة المؤكدة على المستحب، ولا يُشتغل بمحاربة المكروهات أو الشبهات أكثر من المحرمات، أو بالمختلف فيه أكثر من المقطوع بتحريمه، أو تحارب الصغائر مع إغفال محاربة الكبائر.
هذا وينبغي أن يعلم الأخ السائل أنه كما أن للأعمال مراتب، فالناس كذلك مراتب ودرجات بالنسبة لهذه الأعمال، فمن الخطأ معاملة الناس على أنهم في مرتبة واحدة.
والله تعالى يقول: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ...) [فاطر:32]. فهؤلاء ثلاثة أصناف: ظالم لنفسه مقصر في بعض الواجبات، ومرتكب لبعض المحرمات، وآخر مقتصد فيهما، وثالث سابق بالخيرات فلا يكتفي بفعل الواجبات بل يضيف إليها الحسن والمستحبات ويضيف إلى ترك المحرمات اتقاء الشبهات أو المكروهات، وكل هؤلاء ضمن الأمة المصطفاة، فمن الفقه أن لا تعامل جميع الناس على أنهم من السابقين إلى الخيرات، وتطالبهم بما تقتضيه هذه الدرجة، وهذا ظاهر من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يقبل من الأعراب وحديثي العهد بالإسلام ما لا يقبله من السابقين الأولين، وكذلك تختلف وصاياه من شخص إلى آخر نظراً لاختلاف قدرات الشخص وبيئته، وهذا مجال يطول بحثه، ونكتفي فيه بهذه النبذة.
والله أعلم.