عنوان الفتوى : دخول صفحات وقنوات أبراج الحظ للرد عليهم
ما حكم دخول صفحات الفيس وقنوات الأبراج على اليوتيوب (حظك اليوم) ، وذلك للرد عليهم فقط ، بأن هذا شرك وخرافات ؟
الحمد لله
أولا :
لا يجوز للمسلم أن يأتي العرافين، أو يستمع إليهم، ولو لم يصدقهم فيما يدعونه من
علم الغيب ؛ لما روى مسلم (2230) عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : (
مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ
أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) .
أما إن صدقهم بما يقولون ، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
روى الإمام أحمد (9536) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ
بِمَا يَقُولُ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ) وصححه الألباني في
"صحيح الجامع" (5939) .
قال النووي رحمه الله :
" قال العلماء : إنما نهي عن إتيان الكهان لأنهم يتكلمون في مُغَيَّبات قد يصادف
بعضها الإصابة ، فيخاف الفتنة على الإنسان بسبب ذلك ، لأنهم يلبسون على الناس
كثيراً من أمر الشرائع ، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن إتيان الكهان
وتصديقهم " انتهى من " شرح النووي " (5/22) .
ثانيا :
التنجيم : هو ربط الحوادث الأرضية بالنجوم، والاستدلال على ما يحدث فيها بالأحوال
الفلكية .
ومن أنواعه : ما يسمونه " أبراج الحظ " وأن المولود في البرج الفلاني سيكون سعيدا ،
والمولود في البرج الفلاني سيكون تعيسا ، وما يذكرونه من اختلاف طبائع الناس
وأمزجتهم حسب اختلاف أبراجهم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله معلقا على قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من اقتبس
علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد ) :
" المراد به هنا علم النجوم الذي يستدل به على الحوادث الأرضية ; فيستدل مثلا
باقتران النجم الفلاني بالنجم الفلاني على أنه سيحدث كذا وكذا ، ويستدل بولادة
إنسان في هذا النجم على أنه سيكون سعيدا ، وفي النجم الآخر على أنه سيكون شقيا ;
فيستدلون باختلاف أحوال النجوم على اختلاف الحوادث الأرضية ، والحوادث الأرضية من
عند الله ، قد تكون أسبابها معلومة لنا ، وقد تكون مجهولة ، لكن ليس للنجوم بها
علاقة " انتهى من " القول المفيد " (1/519) .
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (27/203) :
" أبراج الحظ يحرم نشرها والنظر فيها وترويجها بين الناس ، ولا يجوز تصديقهم ، بل
هو من شعب الكفر والقدح في التوحيد ، والواجب الحذر من ذلك، والتواصي بتركه ،
والاعتماد على الله سبحانه وتعالى ، والتوكل عليه في كل الأمور " انتهى .
وينظر جواب السؤال (2538) . (147232)
.
ثالثا :
إذا قُدّر أن رجلا عنده من العلم ما يمكنه من نصح هؤلاء العرافين والدجالين ،
فتواصل معهم ، أو أتاهم في أماكنهم ، لينكر عليهم ، ويبين لهم حكم الشرع فيما
يفعلون ، لم يكن ذلك إتيانا محرما ؛ بل هو مشروع، مأمور به في حق القادر عليه ، إما
وجوبا ، وإما استحبابا ، أيا كانت وسيلة التواصل معهم .
وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن سؤال العراف على أقسام ، وذكر منها :
"... القسم الرابع : أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه ، فيمتحنه في أمور ، وهذا قد يكون
واجبا أو مطلوبا .
وإبطال قول الكهنة لاشك أنه أمر مطلوب ، وقد يكون واجبا ؛ فصار السؤال [أي : إتيان
الكهان وسؤالهم] هنا ليس على إطلاقه ، بل يفصل فيه هذا التفصيل على حسب ما دلت عليه
الأدلة الشرعية الأخرى " انتهى من "القول المفيد" (2/49) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" وأما إن كان يسأل المسئول ليمتحن حاله، ويختبر باطن أمره، وعنده ما يميز به صدقه
من كذبه: فهذا جائز، كما ثبت في الصحيحين : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ابن
صياد فقال: ما يأتيك؟ فقال: يأتيني صادق وكاذب . قال: ما ترى؟ قال: أرى عرشا على
الماء . قال: فإني قد خبأت لك خبيئا . قال: الدخ الدخ . قال: اخسأ فلن تعدو قدرك ،
فإنما أنت من إخوان الكهان ) " انتهى من " فتاوى ابن تيمية " (19/62) .
فالإنكار على هؤلاء المنجمين مطلوب من القادرين عليه ، بكل وسيلة ممكنة سواء كان في صفحات التواصل الاجتماعي أو اليوتيوب أو غيرها .
لكن إن رأى المحتسب أن إنكاره مغمور وسط بحر من التعليقات الكثيرة ، ولا يؤبه له
، ولا يحصل به المقصود ، كما هو الغالب في مثل هذه الصفحات ، فالمشروع له: أن يحفظ
وقته وإيمانه بالبعد عن هذه المواطن ، لفوات المصلحة بدخول هذه الصفحات ، وغلبة
الظن بعدم النفع بقوله ، ولو بمجرد إقامة الحجة عليهم ، وحتى لا يحصل مقصود هؤلاء
بكثرة المتابعين لهم وانتشار صفحاتهم ، وافتتان الجهال بهذه الكثرة في الترويج لهم
.
والله أعلم .