عنوان الفتوى : الاختلاط في العمل
ما حكم الدين في العمل بالشَّركات مع الرجال والنساء الأجانب غير الملتزمات بالمَلابس التي تُراعي الآداب والأخلاقيّات، وإذا لم أجد عملاً إلا في هذا الجوِّ فماذا أفعل؟
العمل بأيّة مؤسَّسة فيها رجال ونساء مثل المشي في الطُّرُقات وارتياد الأسواق والاجتماعات العامّة، وعلى كل جنس أن يلتزم بالآداب الموضوعة في الشريعة، التي من أهمِّها ما جاء في قوله تعالىقلْ للمُؤمنينَ يَغُضُّوا مِنْ أبْصارِهِمْ ويَحْفَظوا فُرُوجَهُمْ ) (سورة النور : 30) وقوله : ( وقُلْ لِلْمُؤمناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فُروجَهَنَّ ولاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وليَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ … ) (سورة النور : 31) وما جاء في السّنّة النبويّة من عدم الخلوة المُريبة والملامسة المثيرة والكلام الخاضِع والعطر النّفّاذ والتزاحُم إلى غير ذلك من الآداب.
ومع حفاظ كل جنس على الآداب المطلوبة عليه أن يوجِّه مَن يخالِفها، من منطلق قوله تعالى:( والمُؤمنونَ والمُؤمناتُ بَعْضُهُمْ أَوْليِاءُ بَعْضٍ يَأمُرونَ بِالمَعْروفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ ) (سورة التوبة : 71) وذلك بأسلوب حكيم يُرجَى منه الامتثال، أو على الأقل تبرّأ به ذمّتِه من وجوب الوعظ على كل حال كما قال تعالى:( وإذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذابًا شَديدًا قَالُوا مَعْذِرةً إِلَى رَبِّكُمْ ولَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)(سورة الأعراف : 164).
ولا يجوز السّكوت على مخالفة الآداب اعتمادًا على قوله تعالى:(عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)(سورة المائدة:105) فالاهتداء لا يكون إلا بعد القيام بواجب الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر كما جاء في نصوص أخرى، وإن لم ينتج النُّصح ثمرة وجَب الإنكار بالقلب، وهو يظهر في معاملة المخالفين معاملة تشعرهم بعدم الرضا عنهم ، فقد يفكِّرون في تعديل سلوكهم.
ومن العَسير أن يتركَ الإنسان العمل في مثل هذا المَجال المختلط، فالمجالات كلّها أو أكثرها فيها هذا الاختلاط، سواء على المستوى المحلّي أو العالمي، فعلى مَن يلجأ إلى هذا العمل أن يلتزم بالآداب مع القيام بواجب النصح بالحكمة والموعظة الحسنة.