آيات وأحاديث في النهي عن الأذى
مدة
قراءة المادة :
8 دقائق
.
آيات وأحاديث في النهي عن الأذىمعنى الأذى: يقال: "آذيت فلانًا، أوذيه: أي أَلْحَقْتُ به ما يكره من قول أو فعل".
• وجاءت كلمة الأذى في القرآن الكريم ولها مَعانٍ كثيرة، ومن معانيها:
أ - الشتم والسب:
ومنه قوله تعالى: ﴿ وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ﴾ [النساء: 16].
وقوله تعالى: ﴿ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى ﴾ [آل عمران: 111].
وقوله تعالى: ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ﴾ [آل عمران: 186].
ب - الزور والبهتان على البريء:
ومنه قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا ﴾ [الأحزاب: 69].
جـ - المَنُّ عند العطية:
ومنه قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى...
﴾ [البقرة: 262 - 264].
د - غيبة المؤمنين:
ومنه قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58].
الأحاديث الواردة في ذمِّ الأذى، وفي ذمِّ مَن يُؤذي بالأقوال والأفعال
• أخرج الترمذي من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجَى اثنان دون صاحبهما)).
وقال سفيان في حديثه: ((لا يتناجى اثنان دون الثالث؛ فإن ذلك يُحْزِنه))؛ هذا حديث حسن صحيح.
• وقد رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنـه قـال: ((لا يتنـاجى اثنـان دون واحد؛ فإن ذلك يؤذي المؤمن، والله عز وجل يكره أذَى المؤمن))؛ (الصحيحة: 2825).
• وأخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والجلوسَ في الطرقات))، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا بُدٌّ من مجالسنا، نتحدث فيها، فقال: ((فإذا أبيتم إلا المجلسَ، فأعطوا الطريق حقَّه))، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: ((غَضُّ البصر، وكفُّ الأذى، وردُّ السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر)).
• وأخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاةُ الجميع تَزيد على صلاته في بيته، وصلاتِه في سوقه خمسًا وعشرين درجة؛ فإن أحدكم إذا توضَّأ فأحسن، وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لم يخطُ خطوَةً إلا رفعه الله بها درجة، وحطَّ عنه خطيئة، حتى يدخل المسجد، وإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت تحبسه، وتُصلِّى [عليه] الملائكة ما دام في مجلسه الذي يُصلِّي فيه: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يُؤْذِ فيه)).
• وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فليقل خيرًا أو ليصمت، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُؤذِ جاره، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكْرِم ضيفَه)).
• وأخرج البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن لكعب بن الأشْرَف؟ فإنه قد آذى الله ورسوله))، فقال محمد بن مسلمة: يا رسول الله، أتحبُّ أن أقتله؟ قال: ((نعَم))...
الحديث.
• وأخرج النَّسائي عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: "أن رجلاً وقع في أَبٍ كان له في الجاهلية، فلطمه العباسُ، فجاء قومه، فقالوا: لَيَلْطِمَنَّه كما لطمه، فلبسوا السلاح، فبلغ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فصعد المنبر، فقال: ((أيها الناس، أيُّ أهل الأرض تعلمون أكرم على الله عز وجل؟)) فقالوا: أنت، فقال: ((إن العباس منِّي وأنا منه، لا تَسُبُّوا مَوتانا فتُؤذوا أحياءنا))، فجاء القوم، فقالوا: يا رسول الله، نعوذ بالله من غضبك، استغفر لنا".
(قال محقق جامع الأصول: 10/ 272: إسناده حسن).
• وأخرج البخاري عن المِسوَر بن مَخرَمة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وهو يقول: ((إن بني هشام بن المغيرة استأذَنُوني أن يُنكِحوا ابنتَهم عَليَّ بن أبي طالب، فلا آذنُ لهم، ثم لا آذنُ لهم، ثم لا آذن لهم، إلا أن يُحبَّ ابنُ أبي طالب أن يُطلِّق ابنتي ويَنكِحَ ابنتهم؛ فإنما ابنتي بَضْعة([1]) منِّي، يَرِيبُني ما رَابَها([2])، ويؤذيني ما آذاها)).
• وأخرج الترمذي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: صَعِد رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فنادى بصوت رفيع، فقال: ((يا معشر مَن أسْلَمَ بلسانه ولم يُفضِ الإيمان إلى قلبه، لا تُؤذوا المسلمين، ولا تُعَيِّرُوهم، ولا تتَّبِعُوا عوراتهم؛ فإنه مَن تتبَّع عورة أخيه المسلم؛ تتبَّع الله عورته، ومَن تتبَّع الله عورته يفضحْهُ ولو في جوف رحله)).
• وكان الربيع بن خُثيم رحمه الله يقول: "الناس رجلان: مؤمنٌ فلا تُؤذوه، وجاهل فلا تُجَاهِلْه"؛ (آداب العشرة: 15).
• ويقول ابن رجب رحمه الله كما في "جامع العلوم والحكم"؛ (ص 294): "تضمَّنَت النصوص أن المسلم لا يحل إيصال الأذى إليه بوجه من الوجوه؛ مِن قول أو فعل بغير حقٍّ".
• ويقول يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله : "لِيَكُن حظ المؤمن منك ثلاثة: إن لم تنفعه فلا تضرَّه، وإن لم تُفرِحه فلا تغمَّه، وإن لم تَمدحه فلا تذمَّه"؛ (جامع العلوم والحكم: صـ 294).
[1] بَضعة: بفتح الباء، لا يجوز غيره، وهي قطعة اللحم.
[2] يَرِيبُني ما رَابَها: الرَّيب ما رابك من شيء خِفتَ عُقباه، وقال أبو زيد: "رابني الأمر: تيقَّنت منه الريبة، وأرابني: شكَّكني وأوهمني".