عنوان الفتوى : الصياح في وجه الزوجة يتنافى مع حسن العشرة
متزوج منذ 4 سنوات، ومعي ولدان، أحدهما عمره سنة وشهران، والثاني عمره 3 سنوات، وعمري35 سنة، وعمر زوجتي 21سنة، وأم زوجتي تتدخل في كل كبيرة وصغيرة، وزوجها ليست له كلمة - كأنه ميت - وعند أبسط مشكلة بيني وبين زوجتي أوصلها إلى بيت أهلها، فتشتكي لأمها، ولا تحفظ سر زوجها، وتكبر المشكلة، ويعلم الله أنني غير مقصر في حقها، ولكنها لا تطيعني في بعض الأحيان؛ لأن عقلها طفولي، وحدث خلاف بيني وبينها لغيرتها من زوجات إخواني، دون أي خلوة مني مع أي منهن، وعندما طلبت منها الحضور للفراش لمضاجعتها رفضت، فقمت غاضبًا وأنا ألعنها، وذهبت لأنام في غرفة أبي؛ لأن أمي متوفاة، وأغضبتني في اليوم الثاني والثالث أمام أهل بيتي متعمدة، وعندها صحت عليها أمام أخي، قائلًا: لماذا تنزلين من قيمتي أمام أهل بيتي في أول يوم عيد الأضحى، وأخواتي ضيوف في بيتنا!؟ ثم قالت: أريد الذهاب إلى بيت أبي، فقلت لها: "اذهبي، ولا تريني هذا الوجه العبوس"، وعند خروجها قالت: "طلقني" وأرادت ترك أولادي الصغار والرحيل، ثم أخذت الأطفال معها، وذهبت إلى بيت أبيها، وفي ثاني أيام العيد ذهبت مع والدي، وأشقائي لزيارة والد زوجتي؛ لأنه مريض بسرطان حميد، وأخذت له العصائر أداء لواجب المريض، وعدته، وقلت له: أريد زوجتي للذهاب للبحر مع أسرتي، لكنه تعلل بأنه مريض ويريدها، فقلت له: "لا مشكلة، دعها الآن عندك، وسوف أحضر بالمساء لأخذها"، فقال: "اتفقنا"، وعندما أرسلت أخي الصغير لإحضارها بالمساء رفضوا، وأمسكوها عندهم، ورفضوا كل وسائل الصلح، وجعلوا من الحبة قبة، رغم أنني حاولت مرارًا وتكرارًا الجلوس للتفاهم معهم، لكنهم طلبوا مني أن أوقع على ورقة للضغط عليّ لئلا أصيح في وجهها، فرفضت؛ لأن كرامتي لا تسمح أن تتمادى زوجتي وأهلها، وأغلقوا في وجهي الباب، وهم لا يردون على اتصالاتي، ومنعوا زوجتي من مكالمتي بالهاتف، وقطعوا صلة الرحم مع زوجتي، وأنا أحب زوجتي، وتحملت لأجل أولادي، وأدفع مصاريف شهرية، وعلاجهم على حسابي؛ لكي لا يرموا لي أولادي الصغار، وأنا على هذه الحال منذ 3 أشهر وأدخلت مصلحين من أهلها، ومن أهلي، فرفضوهم، وعندها غضبت، وقلت للوسطاء: لا يوجد لديهم أي عذر شرعي لإمساك زوجتي عني، وقلت: "عليّ الحرام بالطلاق إذا لم تأتِ زوجتي بتاريخ 1/1/2014 - بداية السنة الجديدة - فوجهي من وجهها حرام لمدة سنة، ولا تدخل بيتي لمدة عام كامل" وانتظرت، وأرسلت خالتي لإقناع زوجتي بالعودة، لكن دون فائدة، ولم تعد خلال المهلة، وتاريخ اليوم: 7/1/2014، والمحاكم مغلقة، والوضع مقلق في اليمن، وأنا أحب زوجتي، وأولادي، وقد تعبت، ولا أقدر على الفراق، فما هو حكم الشرع في زوجتي ومشاكل أهلها؟ وما هي كفاره يميني؟ وبماذا تنصحني - جزاك الله خيرًا -؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت زوجتك على ما ذكرت، من أنها لا تطيعك في المعروف، ولا سيما ما يتعلق بأمر الفراش، فهي امرأة ناشز، وقد أوضح الشرع الحكيم كيفية علاج الناشز، فيمكنك مطالعة الفتوى رقم: 1103.
ولكنك قد أسأت بما ذكرت من لعنك إياها، فلا يجوز لعن المسلم المعين، ولا سيما الزوجة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 6561.
وإذا لعنتها بناء على كون الممتنعة عن فراش زوجها تلعنها الملائكة: فقد أسأت الفهم؛ إذ لا يلزم من لعن الملائكة لها أن تلعنها أنت.
والصياح في وجه الزوجة يتنافى مع حسن العشرة التي أمر بها الزوج تجاهها، كما في قوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.
وحدوث المشاكل في الحياة الزوجية أمر عادي، ولكن هنالك أمران خطيران:
الأول: نقل ما حدث إلى الأهل على وجه قد يكون سببًا في إشعال نار الفتنة، وزيادة المشكلة، فربما أدى ذلك إلى تعقيد المشكلة، فكلما أمكن الحل في إطار الزوجين كان أولى.
الثاني: تدخل الأهل بين الزوجين بما يؤدي إلى تحريض الزوجة على النشوز، ومنعها من العودة إلى بيت الزوجية، قال تعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:232}.
وننصح بالدعاء أن يصلح الله الحال، ويحقق الصلح، فقد قال الله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128}.
وينبغي تذكير الجميع بكون الأولاد هم أول الضحايا في حال فراق الزوجين، فليُرحَموا.
وبالنسبة لليمين: فلم يتضح لنا مرادك بقولك: "عليّ الحرام بالطلاق .. وكذلك قولك: "فوجهي من وجهها حرام" وكما هو ظاهر فالمسألة شائكة، ويحتاج فيها إلى استفصال الزوج عن قصده، فمن هنا نرى أن الأولى بك أن تراجع فيها المحكمة الشرعية، أو تشافه أحد العلماء الثقات.
والله أعلم.