عنوان الفتوى : مقومات صدق الداعية في دعوته، وأهم ما يقرأ
كيفي يتسنى ليّ أن أدعو إلى الله بصدق مع العلم أني خطيب في أحد المساجد؟ وما هي أفضل الكتب التي يجب أن أقوم بقراءتها
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدعوة إلى الله تعالى هي أشرف الوظائف لأنها وظيفة المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33].
وقال تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: انفذ على رِسْلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم. متفق عليه.
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئاً.....
ولا شك أن هذه الفضائل والأمور لا يتحصل عليها إلا من كان مخلصاً في دعوته وصادقاً فيها، وأما إذا كان قصده بدعوته جاهاً أو سلطاناً أو شهرة أو مالاً ونحو ذلك من أمور الدنيا، فلا يحصل له شيء من الأجر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة.. يعني ريحها. رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني.
ولذلك قال الله تعالى: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ [ص:86].
وقال تعالى: وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ* اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ [يّـس:22-21].
وقال تعالى حاكياً قول هود لقومه: يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ [هود:51].
إلى غير ذلك من النصوص في هذا الباب، فالواجب على الداعية إلى الله، والمرشد للناس إلى الخير أن يكون صادقاً ومخلصاً لله عز وجل حتى ينتفع في نفسه، وينفع الآخرين، ولا يضيع جهده ووقته فيما لا فائدة فيه ويضيع الأمانة التي تقلدها ألا وهي خطابة الناس وتوجيههم.
وأما الكتب التي ننصحك بقراءتها فهي:
1- كتاب الله تعالى اقرأه بتدبر وتأمل، وما أشكل عليك من معانيه، فارجع إلى كتب التفسير المعتمدة كتفسير ابن جرير وتفسير ابن كثير والدرر المنثور.
2- قراءة كتب الحديث الصحيحية كصحيح البخاري ومسلم وكتب السنن، كسنن أبي داود والترمذي، واستعن بشروحها لفهم معاني الحديث، وما يستفاد منه، واقرأ أيضاً كتاب "رياض الصالحين" و"مشكاة المصابيح" و"الترغيب والترهيب" و"جامع العلوم الحكم" لابن رجب، وفي الفقه "منار السبيل" "شرح دليل الطالب" و"الروض المربع"، وفي السيرة "الرحيق المختوم" وسيرة ابن هشام و"سبل الهدى والرشاد" للصالحي، و"زاد المعاد"، نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك العلم النافع والعمل الصالح.
والله أعلم.