عنوان الفتوى : زوجها يمنعها من رؤية أختها إلا في بيت إخوتهما فهل يجب عليها طاعته في ذلك ؟
لو أن زوجاً يكره أخت زوجته ، فمنعها من الخروج معها أو اللقاء بها إلا في بيت إخوانهن ، فهل يحق له ذلك ؟ وهل تأثم الزوجة إن التقت بها في غير بيت الإخوة ، كأن تراها في المقهى أو ما شابه ذلك ؟ وما الظروف التي يحق للزوجة فيها عصيان زوجها ؟
الحمد لله
الواجب على الزوج أن يكون عونا لزوجه على طاعة الله تعالى والقيام بأوامره ، ومن
أعظم ما ورد في القرآن والسنة الأمر بصلة الأرحام والتحذير من قطعها ، وقد سبق
الحديث بالتفصيل عن معنى صلة الرحم في الفتوى رقم : (4631).
فلا يجوز للزوج أن يمنع زوجته – من دون سبب معتبر شرعا - من التواصل مع أرحامها
الذين تجب عليها صلتهم ، كالوالدين والأجداد والجدات والإخوة والأخوات ، وأولادهم ،
وأعمامها وعماتها ، وأخوالها وخالاتها ، ويراجع للفائدة الفتوى رقم : (72834)
ففيها ضابط الرحم التي تجب صلتها وتحرم قطيعتها.
وعلى ذلك : فلا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من التواصل مع أختها لمجرد أنه يكرهها ،
فإن فعل فإنه يكون ظالما متبعا لهواه بغير هدى من الله تعالى .
فقد روى ابن أشرس وابن نافع : " إنْ وَقَعَ بَيْنَهُ – أي الزوج -وَبَيْنَ أَخِ
امْرَأَتِهِ كَلَامٌ ، فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهَا .
قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَهَا أَنْ تَعُودَ أَخَاهَا
وَأُخْتَهَا فِي مَرَضِهَا، وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا غَائِبًا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا
حِينَ خُرُوجِهِ " انتهى من " منح الجليل شرح مختصر خليل " (4 / 395).
لكن : إن كانت هذه الأخت غير
مستقيمة في دينها ، أو خلقها ؛ بحيث يخشى منها أن تفتن زوجته ، أو كانت تفسد زوجته
عليه ، وتحرضها عليه فهنا يجوز للزوج أن يمنع زوجه من التواصل معها ، إلا بالقدر
اليسير الذي تتحقق معه مصلحة صلة الرحم ، ولا يصل شر الأخت إلى بيته وأهله .
وقد تكلم الفقهاء رحمهم الله تعالى عن هذه المسألة ، وهي ما إذا خاف الزوج من أهل
زوجه أن يفسدوها عليه ، وأفتوا بأنه يأذن لهم بزيارتها في وجود امرأة أمينة .
قال الخرشي في " شرح مختصر خليل " (4 / 188): " وأما الأبوان فإنه يقضى لهما
بالدخول عليها ، في كل أسبوع مرة واحدة ؛ فإن اتهمهما الزوج في إفساد زوجته ، وأشبه
قوله بالقرائن : فإنهما يدخلان عليها في كل جمعة مرة ، مع أمينة من جهته لا
تفارقهما ؛ لئلا يختليا بها ، فيغيران حالها على زوجها " انتهى.
والخلاصة : أن هذه الأخت إن
كانت غير مستقيمة فيجب على الزوجة أن تطيع زوجها فيما يأمرها به من عدم اجتماعها
معها إلا في بيت إخوتهما .
وأما إن كانت صالحة ، وكان الحامل للزوج على هذا التصرف مجرد بغضها فقط : فليس من
حق الزوج أن يأمرها بذلك .
لكن النصيحة للزوجة أن تستجيب لزوجها في عدم مقابلتها إلا في بيت إخوانهن ، تجنبا
للمشاكل مع زوجها ، لاسميا وأنه لا يأمرها بمقاطعتها تماما ، ولكن يطالبها برؤيتها
في ظروف معينة ، وهذا أسهل بلا شك ، وقد يكون له وجه لم يتبين لنا ؛ فينبغي أن
تطيعه في ذلك .
وأما خروج الزوجة بغير إذن
زوجها لمقابلة أختها ، أو غيرها : فهذا لا يجوز ، لأنه من المعلوم أن المرأة لا
يجوز لها أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه , ويراجع ذلك في الفتوى رقم : (226665).
أما الحالات التي يجوز للزوجة أن تخالف أمر زوجها فيمكن إجمالها في حالتين:
الأولى :
أن يأمرها بمعصية الله تعالى , فحينئذ يجب عليها مخالفته ، لأنه لا طاعة لمخلوق في
معصية الخالق ، وقد سبق بيان كيف تتصرف المرأة إذا أمرها زوجها بمعصية الله تعالى
فليراجع ذلك في الفتوى رقم : (11872).
الثانية :
أن يأمرها بأمر خارج عن شؤون عقد النكاح المبرم بينهما ، فإن الزوجة إنما يجب عليها
طاعة زوجها فيما يتعلق بعقد النكاح المبرم بينهما ، أما ما سوى ذلك فلا تجب عليها
طاعته ، فإذا أمرها مثلا بأكل طعام معين لا تحبه ، أو أمرها بأن تقيم مع والديه
لتخدمهما ، أو أمرها بأن تخرج للعمل لتتكسب ، فلا يجب عليها طاعته في شيء من ذلك .
وفي ذلك يقول العلامة ابن نجيم الحنفي في " البحر الرائق شرح كنز الدقائق " (5 /
77): " الْمَرْأَة لَا يَجِبُ عَلَيْهَا طَاعَةُ الزَّوْجِ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ
بِهِ ، إنَّمَا ذَلِكَ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ " انتهى.
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم: (119740)
.
والله أعلم.