عنوان الفتوى : هل الجوارب الموجودة في عصرنا يسري عيها حكم المسح على الخفين
ماهي صفة الشراب الجائز المسح عليه؟ وهل الجوارب – الشرابات - التي نلبسها في أيامنا هذه من القطن، والصوف، وأنواع أخرى من القماش هي التي كان يقصدها نبينا صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالجورب الذي يجوز المسح عليه هو ما توافرت فيه الشروط التالية:
أولها: أن يكون ساترًا لمحل الفرض, فلا يُمسح على الجوارب القصيرة التي تكون دون الكعبين, ولا على الجورب الممزق الذي يظهر منه بعض محل الفرض.
ثانيًا: أن يكون صفيقًا، لا ترى البشرة من ورائه, فلا يُمسح على الجورب الشفاف، واختار جماعة من الفقهاء - كالإمام ابن حزم، وابن عثيمين - جواز المسح على الجورب الذي فيه ثقوب، وعلى الجورب الشفاف ما دام يصدق عليه مسمى الجورب، ولأن الرخصة مبناها على التيسير.
ثالثًا: أن يمكن تتابع المشي فيه، بأن يكون ثابتًا على القدم عند المشي, فإن كان ينثني ويسقط عند المشي فيه، فإنه لا يُمسح عليه؛ لكونه لا يُمشى فيه عادة، ولا يُحتاج إلى المسح عليه.
رابعًا: أن يكون الجورب مباحًا، فلا يُمسح على جورب الحرير للرجال، ولا على المسروق، والمغصوب.
خامسًا: أن يكون الجورب طاهرًا، فلا يمسح على الجورب المصنوع من شيء نجس، كجلد خنزير، ونحوه.
فإذا توافرت هذه الشروط في الجورب جاز المسح عليه؛ إذا لبس على طهارة كاملة، أي: لُبِسَ بعد الانتهاء من الوضوء، وغسل كلا الرجلين.
وقولك: هل الشرابات ... يقصدها نبينا .. إلخ غير واضح المعنى، وإن كنت تعني: هل الجورب الذي ورد المسح عليه كان مصنوعًا مما تصنع منه الجوارب اليوم من القطن، أو الصوف، ونحوها, فالجواب أن الجورب في لغة العرب: ما يلبس على الرجل، ويُصنع من هذه الأشياء، أو من غير الجلد, جاء في تاج العروس للزبيدي:
الجَوْرَبُ: غِشَاءانِ لِلْقَدَمِ مِنْ صُوفٍ يُتَّخَذُ للدِّفْءِ. وَكَذَا فِي المِصْبَاحِ.
وفي مواهب الجليل للحطاب المالكي:قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْجَوْرَبُ مَا كَانَ عَلَى شَكْلِ الْخُفِّ مِنْ كَتَّانٍ، أَوْ قُطْنٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. اهــ.
ومثله في شرح المنتهى: وَلَعَلَّهُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُلْبَسُ فِي الرِّجْلِ عَلَى هَيْئَةِ الْخُفِّ، مِنْ غَيْرِ الْجِلْدِ. اهــ
والمسح على الجوربين ورد به الحديث، وفعله الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - فقد روى أبو داود، والترمذي، وصححه الألباني، من حديث الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، وَالنَّعْلَيْنِ.
قال أبو داود في سننه: وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. اهــ
وراجع الفتوى رقم: 101492.
والله تعالى أعلم.