عنوان الفتوى : تفنيد رؤية الشيخ أبو بكر بروين في أن صور الأحياء إذا لم تتخذ للعبادة ليست محرمة
قال الشيخ أبو بكر بروين أستاذ الفقه الإسلامي ومناهج البحث بجامعة طرابلس بليبيا: إن الصور المحرمة هي الصور الخاصة بالمعبودات من دون الله تعالى كالأصنام والأوثان، والعلة واضحة، لأنها تعبد من دون الله، والدليل على أن صور الأحياء إذا لم تكن تعبد من دون الله ليست محرمة لانعدام العلة ـ وهي الإشراك بالله تعالى ـ ما ورد في كتب صحيح السنة كالبخاري ومسلم وغيرهما أن السيدة عائشة أهدي إليها قماش فيه صورة طائر فوضعته جهة القبلة التي يصلي إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جهة القبلة والطائر أمامه ولم يقطع الصلاة ولم ينهها ولم يصدر منه حكم خاص بهذه الواقعة مع الحاجة إلى ذلك، ولكنه بعدما صلى أياما والصورة أمامه قال للسيدة عائشة أميطيه عني، فإني أجد تصاويره في صلاتي، بما أنه حصل له تشويش يؤثر على خشوعه ولم يأمرها بحرقه أو تمزيقه، بل هي أيضا لم تفهم من أمره حرمة الصور فذهبت وقطعت القماش قطعتين صنعت منهما وسادتين وقالت كانت في إحداهما صورة الطير وظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوسدها إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى، فمن هنا فهم الكثير من الفقهاء أن الصور إذا لم تكن لما يعبد من دون الله فهي جائزة، ولا فرق بين صورة الإنسان وغيره من الأحياء، وحملوا كل النصوص الأخرى الواردة في لعن المصورين على الناس الذين يصنعون تماثيل وصور الآلهة، وهو مناسب جدا للعنهم حيث يضاهون الله وينشرون الشرك بين الناس وأضافوا إلى ذلك فعل السلف من الصحابة الكبار منهم عمر ابن الخطاب الذي سك نقودا على الطريقة الفارسية عليها صورة الملك الفارسي وكذلك فعل معاوية، وسك عبد الملك بن مروان دراهم ودنانير عليها صورة الخليفة قائما قابضا بيده على قبضة سيفه، وكان الفقيه سعيد بن المسيب يبيع ويشتري بها ولا يعيب من أمرها شيئا، وقالوا إن القرآن الكريم جعل من صناعة التماثيل دليل المعجزة للنبي عيسى عليه السلام في قوله: إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطيرـ وكذلك النبي سليمان في قوله: يصنعون له ما يشاء من تماثيل ـ وذلك لما كانت بعيدة عن مظنة الشرك والعبادة، بل هي دليل المعجزة، ولا تكون المعجزة بشيء محرم، بل جاءت في القرآن على سبيل الامتنان على هذين الرسولين الكريمين، وبالنسبة للمصور: فقد قال إن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما فإذا خلا خاطره من المضاهاة فلا حرمة عندها، فما رأي فضيلتكم في أدلته؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففحوى هذا البحث مثبت في الموسوعة الفقهية الكويتية، في مسألة: تصوير صورة الإنسان والحيوان في الشريعة الإسلامية، ففيها: اختلف العلماء في حكم تصوير ذوات الأرواح من الإنسان أو الحيوان على ثلاثة أقوال:
القول الأول: إن ذلك غير حرام، ولا يحرم منه إلا أن يصنع صنما يعبد من دون الله ... اهـ.
ثم ذكرت الموسوعة أدلة هذا القول مما جاء تفصيل بعضه في المقال محل السؤال، وعند عزو هذا القول قالت: نقل الألوسي هذا القول في تفسيره عند تفسير الآية: 13ـ من سورة سبأ، حيث ذكر أن النحاس ومكي بن أبي طالب وابن الفرس نقلوه عن قوم ولم يعينهم، من أجل ذلك فإن هذا القول يغفل ذكره الفقهاء في كتبهم المطولة والمختصرة، ويقتصرون في ذكر الخلاف على الأقوال الآتية... اهـ.
ثم ذكرت أقوال الأئمة والفقهاء المعتبرة! وفي هذا القدر وحده كفاية لتضعيف هذا القول وهجرانه، فالنحاس في: إعراب القرآن، ومكي بن أبي طالب في الهداية إلى بلوغ النهاية، وابن الفرس في أحكام القرآن لم يقل أحد منهم بهذا القول، ولا حكاه عن عالم بعينه، وإنما حكوه حكاية عن قوم غير معينين بصيغة التوهين!! وأصل ذلك كلام النحاس، ومنه أخذ مكي، وأما ابن الفرس فلفظه في أحكام القرآن 3 ـ 445: كان هذا من الجائز في ذلك الشرع، يريد نسخته شريعتنا، وحكى مكي في الهداية أن فرقة تجوز التصوير، وتحتج بهذه الآية. اهـ.
والمقصود أن هذا النقل لا يفيد نسبة هذا القول ولو لعالم واحد معروف!! ولذلك قال ابن عطية في تفسيره المحرر الوجيز: ونسخ بشرع محمد صلى الله عليه وسلم، وقال قوم: حرم التصوير، لأن الصور كانت تعبد، وحكى مكي في الهداية أن فرقة كانت تجوز التصوير وتحتج بهذه الآية، وذلك خطأ، وما أحفظ من أئمة العلم من يجوزه. اهـ.
فلا يعرف لهذا القول قائل، ولذلك لا تجده في كتب الفقه المدونة، كما جاء في الموسوعة الفقهية: من أجل ذلك، فإن هذا القول يغفل ذكره الفقهاء في كتبهم المطولة والمختصرة!!.
ولا تجد له ذكرا في كتب الفقه الموسوعية المعاصرة ككتاب الفقه الإسلامي وأدلته للأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي فقد عرض الأقوال في المسألة ثم حكى الإجماع على تحرم الصور ذات الظل وكل الصور المجسَّدة والتماثيل لكل ذي روح من إنسان أو حيوان، وقد نص على هذا الإجماع جماعة من أهل العلم، فقال النووي في شرح مسلم فقال: أجمعوا على منع ما كان له ظل ووجوب تغييره اهـ.
وكذا حكاه العيني في شرح أبي داود، وقال ابن حجر في فتح الباري: قال ابن العربي: حاصل ما في اتخاذ الصور أنها إن كانت ذات أجسام حرم بالإجماع. اهـ.
وقال القاضي عياض في إكمال المعلم: لا يختلف في كراهة ما كان له ظل ووجوب تغييره وكسره، إلا ما ورد في اللعب بالبنات لصغار البنات والرخصة في ذلك. اهـ.
وقال الخرشي في شرح مختصر خليل: قال في التوضيح: التمثال إذا كان لغير حيوان كالشجر جائز، وإن كان لحيوان، فما له ظل ويقيم فهو حرام بإجماع. اهـ. والتوضيح هذا لخليل نفسه شرح فيه مختصر ابن الحاجب.
وقال ابن رشد في البيان والتحصيل: اختلف أهل العلم في هذا الباب على حسب اختلاف الآثار في ذلك، فيتحصل فيه من اختلافهم ـ بعد إجماعهم على تحريم ما له ظل قائم كالصور المتخذة من الصفر والحديد والخشب ونحو ذلك ـ أربعة أقوال: أحدها: إباحة ما عدا ذلك سواء كان التصوير في جدار أو في ثوب مبسوط أو منصوب.
والثاني: تحريم جميع ذلك.
والثالث: تحريم ما كان من الصور في الجدار والثوب المنصوب، وإباحة ما كان منها في الثوب المبسوط أو المنصوب الذي يوطأ أو يتوسد.
والرابع: تحريم ما كان منها في الجدار خاصة، وإباحة ما كان منها في الثوب المبسوط أو المنصوب. اهـ.
وبهذا يتبين موضع الإجماع من مواضع الخلاف، ولذلك فإننا لا ندري من الذين عناهم الدكتور أبو بكر بقوله: فهم الكثير من الفقهاء أن الصور إذا لم تكن لما يعبد من دون الله فهي جائزة ـ ثم إن الألوسي الذي نقلت عنه الموسوعة الفقهية حكاية القول بقصر التحريم على صنع ما يعبد من دون الله، قد قال في الموضع المشار إليه من تفسيره روح المعاني: الحق أن حرمة تصوير الحيوان كاملا لم تكن في ذلك الشرع ـ يعني شريعة سليمان عليه السلام ـ وإنما هي في شرعنا، ولا فرق عندنا بين أن تكون الصورة ذات ظل وأن لا تكون كذلك، كصورة الفرس المنقوشة على كاغد أو جدار مثلا، وحكى مكي في الهداية أن قوما أجازوا التصوير، وحكاه النحاس أيضا، وكذا ابن الفرس، واحتجوا بهذه الآية، وأنت تعلم أنه ورد في شرعنا من تشديد الوعيد على المصورين ما ورد فلا يلتفت إلى هذا القول، ولا يصح الاحتجاج بالآية، وكأنه إنما حرمت التماثيل، لأنه بمرور الزمان اتخذها الجهلة مما يعبد وظنوا وضعها في المعابد، لذلك فشاعت عبادة الأصنام، أو سدا لباب التشبه بمتخذي الأصنام بالكلية. اهـ.
وفي هذا رد على بعض ما ورد في السؤال، كالاستدلال بشرع من قبلنا، فإن الاتفاق حاصل على أن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا إذا أتى في شرعنا ما يخالفه، وراجع الفتوى رقم: 62554.
وأما الإشكال الوارد في السؤال من حديث عائشة، فمنشؤه من الأخذ ببعض النصوص دون النظر لبقيتها، بل حتى النص الواحد لا بد من النظر في ما صح من رواياته للوصول لمراد الشارع، ومن ذلك حديث عائشة في صورة الطائر، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قد استشكل الجمع بين هذا الحديث وبين حديث عائشة أيضا في النمرقة، لأنه يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يدخل البيت الذي كان فيه الستر المصور أصلا حتى نزعه، وهذا يدل على أنه أقره وصلى وهو منصوب إلى أن أمر بنزعه من أجل ما ذكر من رؤيته الصورة حالة الصلاة، ولم يتعرض لخصوص كونها صورة! ويمكن الجمع بأن الأول كانت تصاويره من ذوات الأرواح وهذا كانت تصاويره من غير الحيوان، كما تقدم تقريره في حديث زيد بن خالد. اهـ.
يعني بحديث زيد بن خالد استثناء الرقم في الثوب، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 93407.
وقد سبق لنا بيان معنى حديث تمثال الطائر في الفتوى رقم: 67506.
ولمزيد الفائدة يمكن مراجعة الفتوى رقم: 67203.
والراجح في فقه حديث عائشة أن ما كان من الصور رقما في ثوب فلا بأس باستعماله على وجه ممتهن يزول معه التعظيم، قال الدكتور عبد الرحمن عبد الخالق في كتابه: أحكام التصوير في الشريعة الإسلامية ـ المتعمق في فقه الأحاديث والآيات يرى أن علة تحريم الصور ينحصر في أمرين اثنين لا ثالث لهما:
الأمر الأول: هو الهجوم والتعدي على وصف خاص، وفعل خاص بالله تعالى، وهذا عدوان على الله جل وعلا.
والعلة الثانية: أن الصور كانت وما زالت ذريعة لتعظيم غير الله وتثبيت الشرك، وصرف الناس عن عبادة الله وتعظيمه إلى تعظيم الصور والتماثيل. ولذلك فإنه عندما تنتفي هاتان العلتان فإن الصورة تكون حلالاً، ألا ترى أن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ لما صنعت صورها وتماثيلها التي كان منها أحصنة لها أجنحة لم يقل لها رسول الله: إن هذا مضاهاة بخلق الله لأنه لا يتصور منها هذه المضاهاة ولا يخطر ببالها مثل تلك النية، وكذلك لما كانت هذه الصور مجرد لعب يلعب بها، ولم تكن صوراً معظمة مرفوعة انتفت العلة الثانية، وكذلك الحال في الصورة التي تكون في ثوب يغسل ويلبس ويداس. اهـ.
وقال القاضي عياض في إكمال المعلم: ذهب آخرون إلى كراهة ما كان منها في غير ثوب، وكراهة ما كان منها في ثوب لا يمتهن، أو يعلق لنصبه منصب العبادة وعادة الكفار المعظمين لها، وأجازوا ما كان من ذلك رقما في ثوب يمتهن ويوطأ، وحجتهم هتك النبي صلى الله عليه وسلم القرام، واستعماله للوسادتين منه بعد ذلك واتكاؤه على إحداهما.. وهو أوسط الأقاويل وأصحها والجامع للأحاديث المختلفة في ذلك، وهو قول كثير من الصحابة والتابعين، وقول مالك والثوري وأبي حنيفة والشافعي. اهـ.
وراجع الفتوى رقم: 22143.
وأما قول الدكتور: ولم يأمرها بحرقه أو تمزيقه، بل هي أيضا لم تفهم من أمره حرمة الصور، فذهبت وقطعت القماش قطعتين صنعت منهما وسادتين وقالت: كانت في إحداهما صورة الطير، وظل رسول الله يتوسدها إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى ـ فلا ندري في أي روايات الحديث ثبت هذا!! وقد روى البخاري ومسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم وفي البيت قرام فيه صور، فتلون وجهه ثم تناول الستر فهتكه، وقالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور.
وفي رواية: أنها كانت اتخذت على سهوة لها سترا فيه تماثيل، فهتكه النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذت منه نمرقتين فكانتا في البيت يجلس عليهما.
وفي رواية ثالثة: أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فقام النبي صلى الله عليه وسلم بالباب فلم يدخل، فقلت: أتوب إلى الله مما أذنبت، قال: ما هذه النمرقة؟ قلت: لتجلس عليها وتوسدها، قال: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم! وإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه الصورة.
قال النووي: قولها: هتكه ـ هو بمعنى قطعه وأتلف الصورة التي فيه.. فيستدل به لتغيير المنكر باليد وهتك الصور المحرمة والغضب عند رؤية المنكر. اهـ.
فهل كانت هذه الصور مجسمة أو لها ظل؟ وهل كانت تعبد من دون الله؟ اللهم لا، والمقصود هنا التنبيه على أن الحديث له روايات كثيرة، والمسألة فيها أدلة أخرى، وتناولها بمثل هذه البساطة الواردة في السؤال نوع من التسطيح المعيب.
ثم إن مما يطول منه العجب استدلال الدكتور أبي بكر بأن عمر بن الخطاب: سك نقودا على الطريقة الفارسية عليها صورة الملك الفارسي، وكذلك فعل معاوية، وسك عبد الملك بن مروان دراهم ودنانير عليها صورة الخليفة قائما قابضا بيده على قبضة سيفه!! ولم نجد من قال بهذا القول إلا القسيس لويس شيخو اليسوعي مؤسس مجلة المشرق في كتابه: النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية ـ حيث قال: ففي أيام الخلفاء الراشدين ولا سيما عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وفي أوائل الدولة الأموية ضربت نقود العرب على هيئتها النصرانية السابقة، ففي متاحف أوربا عشرات من النقود التي ضربت في دمشق وحمص وبعلبك وطبرية في أيام عمر في السنة 17 للهجرة وما بعدها، وكلها عليها رسم هرقل ملك الروم مع صورته وسائر أشعرة النصرانية، كأول حروف اسم السيد المسيح وكصليبه المقدس وصورة النسر ... ومعظم هذه النقود فلوس من نحاس، وقد وجد على بعضها اسم عمر بالاختصار عمر بن الخط، واسم خالد بن الوليد، واسم يزيد بن أبي سفيان، واسم أبي عبيدة، وترى البسملة: باسم الله ـ مرموقة على عدة نقود من ذلك العهد.. وقال ياقوت في معجم البلدان ـ4: 881: إن الحجاج بن يوسف أول من ضرب درهماً عليه شعار الإسلام: لا إله إلا الله ومحمد رسول الله، وليس قوله بسديد، لأنه تعرف نقود لعلي بن أبي طالب ضربت في البصرة سنة 40 هـ عليها هذا الشعار: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ـ وعلى الوجه الآخر: محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق يظهره على الدين كله ولو كره المشركون ـ ومن هذا ترى غلط معظم مؤرخي العرب الذين زعموا أن أول من كتب على النقود الإسلامية بالعربية هو الخليفة عبد الملك بن مروان.. اهـ.
ولم نجد لكلام الدكتور أبي بكر السابق من مصدر أقدم من هذا!! فهل يمكن أن يقال بناء عليه: إنه لا حرج في ضرب سكة للمسلمين عليها الصليب وشعارات الكفر!! والصحيح الذي ذكره أهل العلم أن السكة لم تضرب لا في العهد النبوي ولا في العهد الراشدي، قال الشيخ محمد بن علي الحريري في بحثه: أوراق النقود ـ المنشور في مجلة البحوث الإسلامية: إجماع المؤرخين منعقد على أن عبد الملك كان أول من ضرب النقود في الإسلام ، فقد ضرب الدنانير المنقوشة عام 74هـ، ثم ضربها له الحجاج عام 75هـ، ثم عممت التجربة عام 76هـ، ويعلل المؤرخون هذه الخطوة بسبب استياء العلاقات بين الروم والدولة الأموية بعد حربهم عام 73هـ. اهـ.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: كانت الدنانير في الجاهلية وأول الإسلام بالشام وعند عرب الحجاز كلها رومية تضرب ببلاد الروم عليها صورة الملك واسم الذي ضربت في أيامه مكتوب بالرومية.. وكانت الدراهم بالعراق وأرض المشرق كلها كسروية عليها، وصورة كسرى واسمه فيها مكتوب بالفارسية.. اهـ.
وقال الكتاني في التراتيب الإدارية: لم تكن سكة عند النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبي بكر ولا عمر، ولم يضربوا سكة في الإسلام حتى ضربها عبد الملك بن مروان، إلا إنهم كانوا يتعاملون بسكة فارس والروم... وفي فتاوي الشهاب أحمد الرملي الشافعي المصري أنه سئل عن دنانير عليها صورة حيوان تامة، أيحرم حملها كحرمة الثياب المصورة؟ فأجاب بأنه لا يحرم حملها، فقد قال ابن العراقي: عندي أن الدراهم الرومية التي عليها الصور من القسم الذي لا ينكر لامتهانها بالإنفاق والمعاملة، وقد كان السلف يتعاملون بها من غير نكير، فلم تحدث الدراهم الإسلامية إلا في زمن عبد الملك بن مروان؛ كما هو معروف. اهـ.
وقال الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد الطيار في كتابه صناعة الصورة: أما استعمال السلف لهذه الدنانير فهو من أجل الحاجة والضرورة لهذه النقود، ولو وجد غيرها ما استعملوها، فإنهم أبعد الناس من الوقوع في ما نهى الله عنه ورسوله. اهـ.
وراجع الفتوى رقم: 15639.
والله أعلم.