عنوان الفتوى : رحمة الله العامة تشمل الكافر بخلاف رحمته الخاصة
لقد راودني تفكير كثير عن العذاب، والحساب بعد الموت. ولدي سؤالان أريد منكم الاجابة جزاكم الله خيرا. الأول: إذا كان هناك كافر ولديه أطفال صغار، فمات أحد أطفاله قبل مرحلة البلوغ. هل يكون الطفل من أهل الجنة أم النار وهل يشفع لوالديه وهم كفار؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 28581 بيان أقوال العلماء في أطفال الكفار الذين ماتوا قبل البلوغ.
وأما شفاعتهم لوالديهم الكفار فلا؛ لأن الشفاعة في الكفار منفية. وانظر الفتوى رقم: 48242 وما أحيل عليه فيها.
ومع أن رحمة الله تعالى قد وسعت كل شيء، إلا أنه سبحانه يختص بها في الآخرة عباده المؤمنين. قال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ {الأعراف:156}.
قال القرطبي: ولم تسع إبليس، ولا من مات كافرا.
وقال الآلوسي: ورحمة الله تعالى - وإن وسعت كل شيء ببعض اعتباراتها - إلا أنها خصت المتقين باعتبار آخر.
وقال السعدي: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } من العالم العلوي والسفلي، البر والفاجر، المؤمن والكافر، فلا مخلوق إلا وقد وصلت إليه رحمة اللّه، وغمره فضله وإحسانه، ولكن الرحمة الخاصة المقتضية لسعادة الدنيا والآخرة، ليست لكل أحد، ولهذا قال عنها: { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ...}".
وعلى ذلك فالكفار لا تشملهم رحمة الله في الآخرة، ولا يدخلون الجنة إذا ماتوا على كفرهم.
وأما حديث المرأة البغي من بني إسرائيل، فلم يرد فيه أنها كانت كافرة، بل الظاهر أنها كانت على شريعة الله في زمنها، مع كونها عاصية، فكل من آمن بنبيه في زمنه، واتبع شريعته، فهو مسلم بالمعنى العام للإسلام. وانظر الفتوى رقم: 195365
والله أعلم.