عنوان الفتوى : كيف يكون حال المسلم في الآخرة إذا اجتمعت فيه نصوص الوعد والوعيد
أعلم أن الله سبحانه وتعالى يغفر كل شيء إلا الشرك به، لكن الله يلعن العبد في حال قطع الرحم، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول إن قاطع الرحم لا يدخل الجنة، وأنا إنسان أكفل اليتيم والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: أنا وكافل اليتيم كهاتين ـ وغيرها من الأفعال التي بإذن الله يدخل بها صاحبها الجنة ـ برحمة الله ـ الرجاء أن تبينوا لي كيف يلعن المسلم من قبل ربه ولا يدخل الجنة وفي نفس الوقت إذا فعل ما أمر به الرسول عليه الصلاة والسلام يوعد بدخول الجنة؟. وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يدخلنا وإياك الجنة بفضله ورحمته، واعلم أن المراد باللعن في حق عصاة الموحدين إنما هو الإبعاد عن الرحمة على الوجه الذي يستحقونه وذلك بقدر ذنوبهم، والطرد عن الجنة أول الأمر، وليس هو كلعن الكفار الذين يخلدون في النار، كما أن العاصي الموحد قد يسلم من اللعن لبعض الأسباب المانعة من ذلك، وكذلك سائر نصوص الوعيد قد يتخلف مقتضاها في حق الموحدين لوجود سبب من تلك الأسباب، وانظر الفتويين رقم: 166501، ورقم: 51247.
وما ورد بشأن عدم دخول قاطع الرحم الجنة، فإما أن يحمل على من يستحل ذلك فيكفر باستحلاله ولا يدخل الجنة أبداً، وإما أن يحمل على أن المعنى هو عدم دخوله في أول الأمر مع السابقين، وإنما يعذب أولا على ما ارتكبه ثم يؤول مصيره إلى الجنة، وانظر الفتوى رقم: 61781.
كما قد يتخلف الوعيد ابتداء لسبب من الأسباب المانعة ـ كما سبق ـ وكذلك نصوص الوعد بدخول الجنة لا تقتضي بالضرورة دخولها من أول الأمر، بل قد يعذب الموحد أولا في النار على قدر ذنوبه ثم يصير إلى الجنة، فكل من نصوص الوعد والوعيد يتوقف حصول مضمونها على وجود المقتضي وانتفاء الموانع، أو تحمل على وجوه أخرى من التأويل ليحصل الجمع بين بعضها البعض، وقد سبق بيان الجمع بين نصوص الوعد والوعيد في حق الموحدين في الفتوى رقم: 117821.
وانظر أيضا لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 137828، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.