عنوان الفتوى : ترك مخالطة القريبة المؤذية لا يعني عدم رد السلام عليها
حدثت مشاكل بيننا مع امرأة عمي، أول مشكلة سامحتها فيها، ثم عادت مرة أخرى وسببت لنا مشكلة، وسامحتها، مع أني أعرف أنها تقول عني كلاما للناس، إشاعات. قلت هذه المرة لن أسامحها؛ لأني في كل مرة أسامحها تؤذيني، وتؤذي أمي، وإخواني وأنا أعرفها جيدا تكذب وتحلف زورا أمام الناس أنها طيبة معي، وتحبني، لكن من وراء الناس تنقلب سبعة وثلاثين درجة. وفي هذا العيد جاءت تسلم علي أمام الناس لكن قلت لنفسي لن أسلم عليها، ولا يهمني ما يقول الناس. جاءتني وطردتها أمامهم، لكي تعرف أنه لا يوجد أمل تصالح أبدا، وتكف شرها عنا. أريد أن أعرف هل هذا ذنب علي إذا لم أرد على سلامها ولم أسامحها أبدا لأنها آذتني كثيرا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت امرأة عمك قد أساءت إليك، فلك هجرها ثلاثة أيام فقط، أما هجرها هجرا كليا فوق ثلاثة أيام، فلا يجوز؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان، فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
وقد كان عليك رد السلام عليها إذ بدأتك بالسلام، فإن ردّ السلام على المسلم واجب، كما بيناه في الفتوى رقم: 22278
وإذا كانت صحبتها تضرك في دينك أو دنياك، فلك ترك مصاحبتها، ومجانبة مخالطتها من غير إساءة ولا جفاء.
قال ابن عبد البر (رحمه الله): وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، إلا أن يكون يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه أو يولد (به) على نفسه مضرة في دينه أو دنياه. فإن كان ذلك فقد رخص له في مجانبته وبعده، ورب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية.
وننبه إلى أن مقابلة السيئة بالحسنة مما يوجد المودة ويقي شر نزغات الشيطان؛ قال تعالى: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } فصلت(34)
واعلمي أن في العفو عن المسيء خيراً كثيراً، وأنه يزيدك عزاً وكرامة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "..وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا" ، كما أن العفو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته؛ قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:(22)
والله أعلم.