عنوان الفتوى : متى يتضاعف أجر الصدقة ؟ وهل يسرع بها ؟
ما الطريقة الأفضل للحصول على أجر الصدقة بشكل تام ومضاعف ؟ فمثلاً لو أراد الشخص أن يتصدق بثلاثين جنيهاً، فأيهما أفضل أن يتصدق بكامل المبلغ دفعة واحدة ، أم يوزعه بحيث يتصدق كل يوم بجنيه طوال الشهر؟
الحمد لله.
أولاً :
تعظم الصدقة وتتضاعف في أحوال ، منها :
1. إذا كانت سراً .
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ : .... وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ) رواه البخاري (1423) .
ينظر جواب السؤال رقم : (145557) .
2. إذا اشتدت حاجة الفقير .
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا ) رواه الطبراني في " الكبير " (13646) وحسنه الألباني .
ينظر جواب السؤال رقم : (75406) .
3. إذا أسرع بها حين توفر المال أو أسرع بها فأنفقها قبل موته وقبل الاحتضار .
عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا ؟ قَالَ : ( أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الفَقْرَ ، وَتَأْمُلُ الغِنَى ، وَلاَ تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ ، قُلْتَ لِفُلاَنٍ كَذَا ، وَلِفُلاَنٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ ) رواه البخاري (1419) .
ينظر جواب السؤال رقم : (22885) .
4. إذا كانت للقريب ، وتزداد فضلاً مع الرحم المقطوعة .
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن أفضل الصدقة ، الصدقة على ذي الرحم الكاشح [وهو الذي يضمر العداوة ]) رواه أحمد (23530) وصححه الألباني .
ينظر جواب السؤال رقم : (21810) .
5. إذا أنفقها وهو محتاج وآثر غيره بها ما لم يضر بمن ينفق عليهم إلا أن يوافقوه .
قال تعالى ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) سورة الحشر / 9 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ) رواه أبو داود (1692) وحسنه الألباني ، وهو في صحيح مسلم (996) بنحوه .
قال البغوي في " شرح السنة " (9/342) " وَفِيه بيانُ أَن لَيْسَ للرجل أَن يتصدَّق بِمَا لَا يفضلُ عَنْ قوت أَهله يلْتَمس بِهِ الثَّوَاب ، فَإِنَّهُ يَنْقَلِب إِثْمًا " انتهى .
ينظر جواب السؤال رقم : (146242) .
6. إذا كانت في الأوقات والأماكن الفاضلة .
قال ابن عباس : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ ) رواه البخاري (6) .
ينظر جواب السؤال رقم : (67280) ، و (118128) .
7. إذا عظم أثر الصدقة على عموم المسلمين ، كالإنفاق في سبيل الله .
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَفْضَلُ الصَّدَقَاتِ ظِلُّ فُسْطَاطٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَمَنِيحَةُ خَادِمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوْ طَرُوقَةُ فَحْلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) رواه الترمذي وصححه (1627) وحسنه الألباني .
وسُئل النبي صلى الله عليه وسلم : " أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: ( سَقْيُ الْمَاءِ ) " رواه النسائي (3664) وحسنه الألباني .
جاء في " فيض القدير " للمناوي (2/37) " قال الطيبي : وإنما كان أفضل لأنه أعم نفعا في الأجور الدينية والدنيوية ... " انتهى .
ينظر جواب السؤال رقم : (26106) .
8. إنفاق الزوجين من صنف واحد .
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ : يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ ) رواه البخاري (1897) .
9. إذا اجتمع مع الصدقة ، الصيام وشهود الجنازة وعيادة المريض .
قال النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الأربعة : ( مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) رواه مسلم (1028) .
ينظر جواب السؤال رقم : (37708) .
10. الصدقة من العالم المتقي .
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ ، عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا ، فَهَذَا بِأَفْضَلِ المَنَازِلِ ) رواه الترمذي (2325) وصححه الألباني .
ينظر جواب السؤال رقم : (70446) .
11. إذا كانت محبوبة لصاحبها .
جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " (26/336) " يُسْتَحَبُّ فِي الصَّدَقَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَدَّقُ بِهِ أَيِ : الْمَال الْمُعْطَى مِنْ أَجْوَدِ مَال الْمُتَصَدِّقِ وَأَحَبِّهِ إِلَيْهِ ، قَال اللَّهُ تَعَالَى : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) سورة آل عمران / 92 .
قَال الْقُرْطُبِيُّ : كَانَ السَّلَفُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إِذَا أَحَبُّوا شَيْئًا جَعَلُوهُ لِلَّهِ تَعَالَى " انتهى .
12. الإنفاق على الأهل .
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ ) رواه مسلم (995) .
ينظر جواب السؤال رقم : (3054) .
13. التصدق بما نص عليه الشارع في موضعه ووقته ، كالأضحية فهي أفضل من التصدق بثمنها .
ينظر جواب السؤال رقم : (127160) .
14. إذا كانت الصدقة جارية إلى ما بعد الموت , ولو قلت ؛ لأن الشيء إذا تتابع واتصل كثر وعظم .
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ : إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم (1631) .
ينظر جواب السؤال رقم : (69948) .
15.
ثانياً :
الأفضل أن يبادر الإنسان بدفع كل ما يريد الصدقة به ، لينال الأجر فوراً .
وإذا أسرع بالصدقة أمن من آفتين :
الأولى : موت يقطعه عن العمل .
الثانية : نقض عزمه على الصدقة .
قال تعالى ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) سورة الواقعة / 10-11 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( مَا يَسُرُّنِي أَنَّ عِنْدِي مِثْلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَبًا ، تَمْضِي عَلَيَّ ثَالِثَةٌ ( وفي رواية للبخاري : لَيْلَةٌ أَوْ ثَلاَثٌ "6268" ) وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ ، إِلَّا شَيْئًا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ ، إِلَّا أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ، عَنْ يَمِينِهِ ، وَعَنْ شِمَالِهِ ، وَمِنْ خَلْفِهِ ، ثُمَّ مَشَى فَقَالَ : إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ، عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ) رواه البخاري (6444) .
والله أعلم .