عنوان الفتوى : معنى قول ابن عمرو: ليتني قبلت رخصة رسول الله
عندما شدد عبد الله بن عمرو على نفسه في الصيام، والقيام. وبعد ما نصحه الرسول صلى الله عليه وسلم أولا بصيام 3 من كل شهر فوجد عبد الله في نفسه القوة، فنصحه الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يصوم صيام نبي الله داود، ولكن عندما كبر عبد الله بن عمرو قال: يا ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم. فأي رخصة هنا يقصد أصيام 3 أيام أم صيام داود؟وإذا كانت الرخصة هي صيام داود فهل أثر عليه صيامه هذا في كبره فقال وتمنى بـقوله يا ليتني أخذت نصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرخصة التي يقصدها عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ هي صيام ثلاثة أيام من كل شهر، حيث كان يصوم صيام داود: نصف الدهر. وقد جاء ذلك صريحا في إحدى الروايات في صحيح مسلم: أن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَقُولُ: لَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ، وَلَأَصُومَنَّ النَّهَارَ، مَا عِشْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «آنْتَ الَّذِي تَقُولُ ذَلِكَ؟» فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَنَمْ وَقُمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ» قَالَ قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ» قَالَ قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام، وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ» قَالَ قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ» قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «لَأَنْ أَكُونَ قَبِلْتُ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي»
. وهذا هو محل الشاهد.
وأما قوله رضي الله عنه: " يا ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم"
فقال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): قال النووي: معناه أنه كبر وعجز عن المحافظة على ما التزمه، ووظفه على نفسه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشق عليه فعله لعجزه، ولم يعجبه أن يتركه لالتزامه له، فتمنى أن لو قبل الرخصة فأخذ بالأخف. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: كان عبد الله بن عمرو لما كبر يقول: يا ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان ربما عجز عن صوم يوم وفطر يوم. فكان يفطر أياما ثم يسرد الصيام أياما بقدرها؛ لئلا يفارق النبي صلى الله عليه وسلم على حال ثم ينتقل عنها. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين: لما كبر عبد الله بن عمرو بن العاص شق عليه أن يصوم يوماً ويفطر يوماً. وقال: ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. اهـ.
والله أعلم.