عنوان الفتوى : قول : “صدق الله العظيم”
بعض الناس يقولون : إنَّ قول القارئ بعد الانتهاء من القراءة “صَدَقَ اللهُ الْعَظِيم” بِدْعَة؛ لا يجوز قولها، فهل هذا صحيح؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
حذَّرت كثيرًا من التعجُّل في إطلاق وصْف البِدْعَة على أي عملٍ لم يكن في أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا في عهد التشريع، ومن التمادي في وصف كلِّ بِدْعَة بأنها ضلالة وكلُّ ضلالة في النار، ويُمكن الرجوع إلى صـ 352 من المجلد الثالث من هذه الفتاوى لمعرفة ذلك.
وقول “صَدَقَ اللهُ العظيمُ” من القارئ أو من السامع بعد الانتهاء من القراءة، أو عند سماع آية من القرآن ليس بِدعة مذمومة، أولاً لأنه لم يرد نهي عنها بخصوصها، وثانيًا لأنها ذِكْرٌ لله والذِّكْر مأمور به كثيرًا، وثالثًا أن العلماء تحدثوا عن ذلك داعين إليه كأدب من آداب قراءة القرآن، وقَرروا أن قول ذلك في الصلاة لا يبطلها، ورابعًا أن هذه الصيغة أو قريبًا منها ورد الأمر بها في القرآن، وقرر أنها من قول المُؤْمِنين عند القتال.
قال تعالى : (قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا) [سورة آل عمران: 95] وقال : (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولَهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) [سورة الأحزاب : 22] وذكر القرطبي في مقدمة تفسيره أن الحكيم الترمذي تحدث عن آداب تلاوة القرآن الكريم وجعل منها أن يقول عند الانتهاء من القراءة: صدق الله العظيم أو أية عبارة تؤدي هذا المعنى. ونص عبارته “جـ 1 صـ 27” : ومن حُرْمَته إذا انتهت قراءته أن يُصَدِّقَ رَبَّهُ، ويشهد بالبلاغ لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (مثل أن يقول : صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم) ويشهد على ذلك أنه حق، فيقول : صدقتَ ربنا وَبَلَّغَتْ رُسُلُك ونحن على ذلك من الشاهدين. اللهم اجعلنا من شهداء الحق القائمين بالقِسْطِ، ثم يدعو بدعوات.
وجاء في فقه المذاهب الأربعة -نَشْر أوقاف مصر- أن الحنفية قالوا : لو تكلَّم المُصلي بتسبيح مثل. صدق الله العظيم عند فراغ القارئ من القراءة لا تبطل صلاته إذا قصد مُجرد الثناء والذِّكر أو التلاوة وأن الشافعية قالوا : لا تبطل مُطلقًا بهذا القول، فكيف يجرؤ أحد في هذه الأيام على أن يقول: إنَّ قول : صدق الله العظيم، بعد الانتهاء من قراءة القرآن بِدْعَة؟ أُكَرِّر التحذير من التعجُّل في إصدار أحكام فقهية قبل التأكد من صحتها، والله سبحانه وتعالى يقول : (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتِكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) [سورة النحل : 116].