عنوان الفتوى : تأتيه الوساوس ويخشى أن ينتزع الشيطان إيمانه
اسألوا لي الثبات على الدين الحق ؛ لأَنِّي مبتلى بفتنه الشيطان الذي يحاول قدر استطاعته أن يغير ديني ثم ثقني بربي ثم بنفسي ، وأقسم بالله العظيم أني أعاني معاناة ما يعلم بها أحد إلا ربي سبحانه وتعالى ، يحاول أن يتنزع الإيمان من قلبي ويحاول أن يدخلني في الكفر والضلال ـ والعياذ بالله ـ حتى صار يتشكل بشخصيتي ، وأحيانا ينطق الشهادة يعني يكملها معي ، ويشككني في نوايا العبادة ، مثل : الصلاة ، ويدخل معي في الصلاة ، ويضيع على الصلاة إما بالوساوس القهرية ، ويكمل معي قراءة سورة الفاتحة ، والتشهد ، والتسليم ، أنا في أمر خطير جدا جدا على إيماني وأخاف أن يأخذ مبتغاه مني بتكفيري أو إشراكي بالله سبحانه وتعالى ومن كل إنسان مسلم ، إما بتحريفه أو تكفيره ، فساعدوني على التخلص من هذا البلاء .
الحمد لله
هوِّن عليك أيها السائل الكريم ، فالأمر أسهل مما تتصوره وتتوهمه بكثير .
إن ما تعانيه مثله كمثل الظل الذي كبر حتى ملأ الحائط ، لأن مصدر النور وُضع في
موضع مخادع .
ولو وُضع هذا المصدر في الموضع الصحيح لأخذ الظل حجمه .
وفي كلتا الحالين هو ظل ليس وراءه طائل سواء كبر أم صغر .
إن حالتك لا تعدو هذا الظل ، فهوِّن على نفسك .
إن الشيطان لا يستطيع سلب إيمانك ، لأن الذي يعطي ويسلب هو الله ، فإذا عصمك الله
نجوت من كل مكروه .
وإذا أردت أن تستريح من هذه التهاويل التي يلقيها الشيطان ، فعليك أن تقوي قلبك
وتأخذ بما يلي :
1. استعذ بالله كلما خطر لك خاطر منها . ولا تملّ ، فإن الشيطان سينهزم ويفر لا
محالة ، وعد صادق من الله : ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) فصلت / 36 .
2. أعرض عن هذه الوساوس ولا تفكر بها ولا فيها أبداً ، ولا تحاورها ولا تجاوب على
أي سؤال أو إشكال يرد عليك .
ولا ترضخ لأي تهديد أو تخويف من الشيطان بالكفر أو الضلال أو النار .
أتعرف لماذا ؟ لأنها لا قيمة لها في تقييم إيمانك ، ولن يقع منها شيء .
إنها مثل المَشاهَد المرعبة عبر الشاشات لا تؤذي المُشاهِد ، وإذا أُقفلت الشاشة
انتهى كل شيء.
3. املأ وقتك وفكرك وقلبك بالنافع المفيد ، واختلط بالأخيار من الناس ، فلعلك تعاني
من الفراغ والوحدة ، فإن الشيطان لا يأتي لإناء مليء .
4- الدعاء آناء الليل والنهار ، فإن شفاء الله إذا جاء لا يغادر سقماً إلا وفتته .
5- التحصن بذكر الله آناء الليل ، وأطراف النهار ، وفي كل وقت وحين ، فما أحرز
الإنسان نفسه ، وحماها من كيد عدوه : بمثل ذكر الله تعالى ، ولزومه ؛ فلا يزال
لسانك رطبا من ذكر الله .
6- لا بد لك ، مع ذلك العلاج الإيماني كله ، من أن تعرض نفسك على طبيب مختص ماهر ،
فإن الوسواس القهري له علاجات طبية نافعة بإذن الله ، فإذا جمعت بين العلاجين :
الإيماني ، والطبي : كان ذلك أنفع لك ، وأرجى لشفائك بإذن الله تعالى .
وإذا أخذت بهذه النصائح
وداومت عليها وجاهدت نفسك ، أقبلتْ عليك بإذن الله تباشير العافية تتزايد ساعة بعد
ساعة حتى تتعافى تماماً بعد أيام معدودات بتوفيق الله .
ينظر جواب السؤال رقم : (102851) ، و : (25778)
.
ثبتك الله على الإيمان وأسبغ عليك العافية والغفران .
والله أعلم .