عنوان الفتوى : هل يجوز الحزن على رجل مات كافرا ؛ لأنه سيخلد في النار ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يجوز للمسلم أن يحزن على وفاة شخص نصراني لأنه سيذهب للنار بعد موته ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
يجوز الحزن على الكافر إذا مات على غير دين الله ، إذا كان من باب الشفقة الإنسانية العامة الغالبة ، كأن يحزن على أبيه أو أخيه إذا مات على غير الإسلام ، أو كان هذا الرجل من أصحاب الأعمال الخيرية ، والمعونة للخلق ، وحسن الخلق ، ونحو ذلك من الفضائل التي قد يتحلى بها أقوام ، وليسوا على دين الإسلام ، ولم يكونوا محادين للدين وأهله .
وهذا من باب الرحمة العامة التي لا يلام عليها صاحبها ، كما لا يلام على حزنه على موت الكافر يموت أمام عينه في حادث أو حريق أو نحو ذلك .

وهذا كما حزن النبي صلى الله عليه وسلم على أمه وبكى عليها ، كما روى مسلم (976) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : " زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ ، فَقَالَ : ( اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي ، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ ) .
ورواه ابن أبي شيبة (11808) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ أَتَى حَرَمَ قَبْرٍ فَجَلَسَ إِلَيْهِ ، فَجَعَلَ كَهَيْئَةِ الْمُخَاطِبِ ، وَجَلَسَ النَّاسُ حَوْلَهُ فَقَامَ ، وَهُوَ يَبْكِي فَتَلَقَّاهُ عُمَرُ ، وَكَانَ مِنْ أَجْرَأِ النَّاسِ عَلَيْهِ فَقَالَ : بِأَبِي أَنْتَ ، وَأُمِّي يَا رَسُولُ اللَّهِ مَا الَّذِي أَبْكَاكَ ؟ قَالَ : (هَذَا قَبْرُ أُمِّي سَأَلْتُ رَبِّي الزِّيَارَةَ فَأَذِنَ لِي ، وَسَأَلْتُهُ الِاسْتِغْفَارَ فَلَمْ يَأْذَنْ لِي فَذَكَرْتُهَا فَذَرَفَتْ نَفْسِي فَبَكَيْتُ) قَالَ: فَلَمْ يَرَ يَوْمًا كَانَ أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ " .
وصححه الألباني في "الإرواء" (3/225).

وكما حزن صلى الله عليه وسلم على موت عمه على الكفر ، وكان يرجو إسلامه ، وكان يدعو الله له ، حتى نُهي عن ذلك .

وأما إذا كان الحزن عليه منافيا للبراءة من المشركين ، أو مخلا بما تقتضيه من البراءة من المشركين ودينهم ، وبغض ما هم عليه من الكفر بالله ، أو التهوين من كفرهم برب العالمين وإشراكهم به ، أو اعتقاد أن ما عملوا من حسنة في الدنيا ، يشفع لكفرهم ، أو نحو ذلك من الاعتقادات الفاسدة : فهذا حزن محرم باطل ، وهو خلل في عقيدة الولاء والبراء وما تقتضيه .

وقد سبق في جواب السؤال رقم : (154727) أن الفرح بمهلك أعداء الإسلام ، وأهل البدع المغلظة ، وأهل المجاهرة بالفجور أمر مشروع .

وينظر جواب السؤال رقم : (6020) ، (109204) .
والله تعالى أعلم .