عنوان الفتوى : رمي الأوساخ في الشارع

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما حكم رمي الأوساخ والخشاش في الشارع ؟ وماذا لو كانت أشياء يسيرة ؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق


الحمد لله
رمي الاوساخ والفضلات في الشارع ، على حالتين :
الحالة الأولى : رمي الأوساخ في الشارع على وجه يضر الناس ويؤذيهم .
ففي هذه الحالة لا يجوز رميها بلا شك للآتي :
1- عَنْ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ - رضي الله عنه - : أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : ( لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ ) رواه الحاكم ( 2 / 57 - 58 ) وقال صحيح الإسناد على شرط مسلم ، ورواه ابن ماجه ( 2340 ) من حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ : ( لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ) .
قال ابن رجب رحمه الله تعالى :
" قيل : إنّ الضرر هو الاسم ، والضرار : الفعل ، فالمعنى أنّ الضرر نفسه منتف في الشرع ، وإدخال الضرر بغير حق كذلك .
وقيل : الضرر : أن يدخل على غيره ضررا بما ينتفع هو به ، والضرار : أن يدخل على غيره ضررا بما لا منفعة له به ، كمن منع مالا يضره ويتضرر به الممنوع ، ورجّح هذا القول طائفة ، منهم ابن عبد البر ، وابن الصلاح .
وقيل : الضرر : أن يضر بمن لا يضره ، والضرار : أن يضر بمن قد أضر به على وجه غير جائز .
وبكل حال فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما نفى الضرر والضرار بغير حق " انتهى من " جامع العلوم والحكم " ( ص 671 ) .
ورمي الأوساخ في الشارع على وجه يؤذي الناس هو من الضرار بغير حق ، فيكون منهيا عنه .

2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ ) ، قَالُوا : وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ ، قَالَ: ( الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ ) رواه مسلم ( 269 ).
قال النووي رحمه الله تعالى :
" فمعناها واللّه أعلم اتّقوا فعل اللّعّانين أي صاحبي اللّعن وهما اللّذان يلعنهما النّاس في العادة واللّه أعلم ... وما نهى عنه في الظّل والطّريق لما فيه من إيذاء المسلمين بتنجيس من يمرّ به ونتنه واستقذاره والله أعلم " انتهى من " شرح صحيح مسلم " ( 3 / 162 ) .
ورمي الأوساخ المؤذية في طريق الناس شبيه بالبول في الطريق لأن كل واحد منهما يفسد على الناس طريقهم ويؤذيهم .
3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ ، أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً ، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ ) رواه البخاري ( 9 ) ، ومسلم ( 35 ) واللفظ له .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَذَهُ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ) رواه البخاري ( 2472 ) ، ومسلم ( 1914 ) ، وفي لفظ له ( مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ ، فَقَالَ: وَاللهِ ! لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ ، فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ ) .
فإذا كان نزع ما يؤذي الناس من طريقهم من عمل أهل الإيمان والإصلاح ؛ فلا شك إذا أن رمي ما يؤذي الناس في طريقهم من الإفساد المنهي عنه .

الحالة الثانية : إذا كان هذا الوسخ يسيرا ولا يؤذي الناس ولا يضرهم ، بل يعتاد مثله في الشوارع والطرقات .
فمثل هذا لا يحرم إلقاؤه في الشوارع ، إن شاء الله ، لأنه يسير معتاد ، ومثل هذا يتسامح فيه عادة ، لكن لا شك أنه خلاف الأفضل ، لأن تتابع الناس على رمي اليسير من الوسخ سيصير مع مرور الأيام وسخا كثيرا خاصة ، إذا لم يكن هناك منظف للشارع ، كما أن استمرار الإنسان على رمي الأوساخ في غير أماكنها المخصصة لها ، يجعل ذلك عادة له ، حتى ربما انتقل إلى رمي الأذى الكثير في طريق الناس .

والله أعلم .

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...