عنوان الفتوى : الإيمان بالقدر لا يعني ترك الأسباب المشروعة
أنا فتاة أبلغ من العمر 28 عاما، أنهيت دراستي الجامعية ونزلت إلى مجال العمل وانتظرت تلك اللحظة التي تظل تنتظرها معظم بنات جنسي ـ لحظة الارتباط ـ ولكن الحمد لله على كل حال حتى هذه اللحظة لم ألتق بمن أريده وأتمناه نعم، أتاني الكثير ولكن دائما أجد عيوبا لا يمكن أن أتقبلها كأن يكون أصغر مني ب3 أعوام، أو مدخن، أو مرواغ، وأجد في نفسي نفورا منهم، ولما رأيت عمري يمر هكذا بدأت أمي تلوم وتعتب علي أنه ضيعت مني هذه الفرص وتقول من هن في مثل عمرك الآن لديهن أولاد كبار، وأنت السبب فيما حل بك، وعندما أقول لها إنها إرادة الله ولو أن الله أراد لي واحدا منهم لأخذته، تقول لي إنه رزق وأنت ترفضينه، وهذا ما دفعني إلى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في كون الزواج كغيره مما يجري على العباد في الدنيا من أقدار الله التي كتبها قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ولكن الإيمان بالقدر لا يعني أن يترك العبد الأسباب المشروعة التي يقدر عليها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 147493.
وقد بينا أن تكرار رفض الخطاب والمبالغة في الشروط المطلوبة في الخاطب مسلك غير مأمون العواقب، وذلك في الفتويين رقم: 104869، ورقم: 71053.
فلا تيأسي، وخذي بالأسباب المشروعة، وأكثري من الدعاء مع حسن الظن بالله، وعدم تعجل النتيجة، واعلمي أنه لا حرج على المرأة في عرض نفسها على رجل صالح ليتزوجها، وذلك بضوابط وآداب مبينة في الفتوى رقم: 108281.
وثقي أن أقدار الله عز وجل يجريها على عباده بحكمته البالغة ورحمته الواسعة، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، وأعلم بمصالحنا من أنفسنا، فلا تجزعي لتأخر زواجك، وثقي بأن الله قد يصرف عنك شيئا ترغبين فيه ويدخر لك خيرا منه، قال ابن القيم: والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا، وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليّا. اهـ
والله أعلم.