عنوان الفتوى : حكم المال الذي وجده المسلم فيما اشتراه من أثاث مستعمل
اشتريت باطرمة (كنبه) من الحراج (سوق الأثاث المستعمل) وبعد شهرين من استخدامها وجدت بداخلها نقودا أجنبية تساوي تقريباً 270 ريالا. هل يجوز لي تبديلها بالريالات واستخدامها، علماً بأنني أسكن في مكة المكرمة داخل حدود الحرم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وجدته من نقود أجنبية - وهي ليست لك - فحكمها حكم اللقطة، وتجري عليها أحكام اللقطة من تعريفها سنة قمرية كاملة من وقت التقاطها، فإذا جاء أصحابها فادفعها إليهم، وإن لم يأتوا فلك أن تنتفع بها بعد السنة، لكن متى وجدت أصحابها لزمك دفعها لهم، فقد روى البخاري ومسلم عن زيد بن خالد الجهني- رضي الله عنه- أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة: الذهب أو الورق؟ فقال: اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فادفعها إليه.
وأول ما يبدأ في تعريفها له هو البائع؛ لأنه الأقرب إلى أن يكون صاحبها، وكذلك أصحاب الأثاث الأصليين قد يكونون أصحاب النقود.
قال ابن قدامة- رحمه الله تعالى- في المغني: فَأَمَّا إنْ اشْتَرَى شَاةً، وَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا دُرَّةً أَوْ عَنْبَرَةً أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، فَهِيَ لُقَطَةٌ يُعَرِّفُهَا، وَيَبْدَأُ بِالْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ ابْتَلَعَتْهَا مِنْ مِلْكِهِ فَيَبْدَأُ بِهِ، كَقَوْلِنَا فِي مُشْتَرِي الدَّارِ إذَا وَجَدَ فِيهَا مَالًا مَدْفُونًا. انتهى.
وأما إذا لم ترج معرفة أصحابها، فإن هذه النقود يتملكها ملتقطها بدون تعريف في أحد قولي أهل العلم، أو تنزل هذه النقود منزلة المال الذي تعذر الوصول إلى مالكه؛ فإنه يصرف في مصالح المسلمين، في قول آخر وهو الأولى. وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 80888.
والراجح من أقوال العلماء أنه لا فرق بين لقطة الحرم وغيره، ولا بين لقطة الحاج وغيره، فإنه يحل لواجدها أخذها، ويلزمه تعريفها سنة كاملة، ثم تملكها بعد ذلك.
ولا يشترط الفور في تعريف اللقطة، بل تعرفها ولو مضى عليها شهران أو أكثر، وإن كان الأولى تعريفها على الفور لمظنة وجود صاحبها.
قال الأنصاري في روض الطالب: ولا يشترط الفور للتعريف، بل المعتبر تعريف سنة متى كان. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 14308، 137899.
والله أعلم.