عنوان الفتوى : هل للمرأة متعة إذا فرق القاضي بينها بين زوجها لفساد النكاح أو بطلانه
هل للمرأة التي فرّق القاضي بينها وبين زوجها بسبب فساد النكاح أو بطلانه متعة أم لا؟ وما هو الدليل على ذلك - حفظكم الله -؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان الفرق بين النكاح الباطل والنكاح الفاسد في الفتوى رقم: 210526 وما أحيل عليه فيها.
وأما عن المتعة في الفرقة من النكاح الفاسد، فقد نص الفقهاء - رحمهم الله - على أن النكاح الفاسد بعد الدخول يترتب عليه ما يترتب على النكاح الصحيح، كما سبق في الفتوى رقم: 22652، وعلى ذلك فتجري فيه أحكام المتعة وغيرها كما تجري في النكاح الصحيح.
وقد سبق تفصيل أحوال المتعة في الفتوى رقم: 132175، والفتوى رقم: 30160, وهذا في العقد الفاسد ابتداء.
أما إذا طرأت الفرقة والفسخ بعد انعقاده، فإن كان هذا بسبب الزوجة فلا متعة لها، وإلا فيكون حكمها على ما سبق من تفصيل واختلاف بين الفقهاء في الفتوتين المشار إليهما, جاء في المبسوط للسرخسي: كل فرقة جاءت من قبل الزوج قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه, فتوجب المتعة; لأنها توجب نصف المسمى في نكاح فيه تسمية, والمتعة عوض عنه كردة الزوج, وإباية الإسلام, وكل فرقة جاءت من قبل المرأة, فلا متعة لها; لأنه لا يجب بها المهر أصلًا, فلا تجب بها المتعة.
والمخيرة إذا اختارت نفسها قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه, فلها المتعة; لأن الفرقة جاءت من قبل الزوج; لأن البينونة مضافة إلى الإبانة السابقة, وهي فعل الزوج, (وأما) الذي تستحب فيه المتعة, فهو الطلاق بعد الدخول, والطلاق قبل الدخول في نكاح فيه تسمية وهذا عندنا.
وفي المنتقى للباجي: وكل فرقة من قبل المرأة قبل البناء, أو بعده فلا متعة فيها, ووجه ذلك أنها اختارت الفراق, فلا تسلى عن المشقة التي تلحق بها.
وفي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: (لا في فسخ) محترز مطلقة إلا لرضاع فيندب فيه المتعة كما ذكره ابن عرفة (كلعان) فلا متعة فيه (و) لا في (ملك أحد الزوجين) صاحبه; لأنه إن كان هو المالك فلم تخرج عن حوزه, وإن كانت هي فهو وما معه لها, واستثنى من قوله ككل مطلقة قوله: (إلا من اختلعت) منه بعوض دفعته له, أو دفع عنها برضاها, وإلا متعت (أو فرض) أي: سمي (لها) الصداق قبل البناء, ولو وقع العقد ابتداء تفويضًا (وطلقت قبل البناء); لأنها أخذت نصف الصداق مع بقاء سلعتها, فإن لم يفرض لها متعت (و) إلا (مختارة) نفسها (لعتقها) تحت العبد (أو) مختارة نفسها (لعيبه) سواء كان بها عيب أيضًا, أو لا فلا متعة لها, كما لو ردها الزوج لعيبها فقط; لأنها غارة, وأما لعيبهما معًا فلها المتعة (و) إلا (مخيرة ومملكة); لأن تمام الطلاق منها.
وفي شرح المحلي على منهاج الطالبين: (وفرقة لا بسببها), كردته, وإسلامه, ولعانه, وإرضاع أمه أو بنته زوجته, ووطء أبيه أو ابنه لها (كطلاق), فإن كان ذلك قبل دخول فيجب لها الشطر, فلا متعة كما تقدم, وإن كان بعد دخول فيجب لها المتعة كما تقدم, فإن كانت الفرقة بسببها كإسلامها وردتها, وفسخها بعيبه, وفسخه بعيبها فلا متعة لها سواء قبل الدخول وبعده.
وقال ابن قدامة في المغني: وكل فرقة كانت قبل الدخول من قبل المرأة, مثل إسلامها, أو ردتها, أو إرضاعها من ينفسخ النكاح بإرضاعه, أو ارتضاعها وهي صغيرة, أو فسخت لإعساره, أو عيبه, أو لعتقها تحت عبد, أو فسخه بعيبها, فإنه يسقط به مهرها, ولا يجب لا متعة; لأنها أتلفت المعوض قبل تسليمه, فسقط البدل كله, كالبائع يتلف المبيع قبل تسليمه.
وإن كانت بسبب الزوج, كطلاقه, وخلعه, وإسلامه, وردته, أو جاءت من أجنبي, كالرضاع, أو وطء ينفسخ به النكاح, سقط نصف المهر, ووجب نصفه, أو المتعة لغير من سمي لها, ثم يرجع الزوج على من فسخ النكاح إذا جاء الفسخ من قبل أجنبي.
والله أعلم.