عنوان الفتوى : هل له أن يتفرغ للعلم وخدمة والدته ، مكتفياً بما يأخذه منها من مال لنفقته ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا شخص في الرابعة والثلاثون من العمر ، أعيش مع والدتي التي تجاوزت الخمسين في بيت واحد ، لدي أخ ، وأخوات كلهم متزوجون ، أنا لم أتزوج بعد ، أنا لم أعمل لفترة طويلة ، ولم أوفق في العمل ، تقبض أمي مبلغاً نهاية كل شهر من الشركة التي كان يعمل فيها والدي المتوفي . هذا المبلغ تقضي به حوائج البيت ، وتعطيني شيئاً من المال أقضي به حوائجي ، وهو مبلغ كافي ، وبالنسبة لأخواتي وأخي فهم زاهدون في المبلغ الذي تستلمه أمي ، ولا يطمعون في شيء منه ، أتحرج أحيانا من القبول بوظيفة أتأخر بسببها عن البيت ليلا ؛ لأن الوالدة تعيش وحدها ، وقد تحتاج شيئا : مثل شراء شيء من البقالة ، أو إحضار دواء من الصيدلية ، أو الجلوس معها حين تمرض مرض عارض . والسؤال : هل علي شيء إذا اشتغلت بالقراءة والتعلم وتركت التكسب مكتفياً بما آخذه من الوالدة ، هل المال الذي آخذه حلال ?

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق


الحمد لله
لا شك أن قيامك على أمر الوالدة : هو من البر الواجب لها عليك ، وانشغالك بالعلم في أثناء ذلك ، هو أيضاً من حسن سياستك لأمرك ، وانتفاعك بوقتك ، ومراعاتك للظرف الذي أنت فيه .
ولا حرج عليك في قبول ما تعطيه لك الوالدة ، والانتفاع بنفقتها عليك من المعاش الذي تقبضه .
ومع ذلك فالنصيحة لك ألاَّ تبقى على هذا الوضع دائماً ، بل الواجب عليك أن تسعى في تدبير مهنة ، أو وظيفة ، تقيم بها أمر عيشك ، وتكفي بها نفسك ، وتكف بها يدك عن سؤال الناس .
روى البخاري في صحيحه (1966) عَنْ الْمِقْدَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ) .
ثم إذا أنت أقبلت على الزواج ، كيف تقوم على أسرتك ، وأنت لا مهنة لك ، ولا عمل عندك تتكسب منه ، وتقوم به على أسرتك ؟
لكن ذلك لا يعني : أن تقبل بعمل يصرفك عن والدتك ، أو يشغلك عن حقها الواجب عليك ؛ بل اجتهد في أن توازن بين الأمرين ، وتتوسط فيهما ، وتعطي كل ذي حق حقه ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق/2-3 .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (42220) ، (128759) .
والله أعلم .