عنوان الفتوى : طلقها زوجها وحاضت في نفس اليوم الذي أنهى فيه إجراءات الطلاق ثم راجعها برسالة نصية بعد ثلاثة شهور

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قام زوج صديقتي بطلاقها في الهند ، ووقع جميع الأوراق القانونية أمام شاهدين ، ووفقاً لهذه الأوراق فإنّ الطلاق كان بائناً، وقد حاضت صديقتي في نفس اليوم الذي وقعت فيه أوراق الطلاق ، ثم أخبروها أنّ عليها أن تنتظر انتهاء العدة ، ولكن بعد مرور ثلاثة أشهر قام طليقها بإرسال رسال نصية عبر الهاتف يخبرها بأنّه قرر إرجاعها إلى ذمته. فهل الطلاق البائن هو الطلقة الأولى أم الثانية أم الثالثة فهو لم يتلفظ بكلمة الطلاق من قبل أثناء زواجهما ؟ وهل يستطيع إرجاع زوجته من خلال رسالة نصية ؟ وهل يصح الطلاق إذا كانت المرأة حائضاً ؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق


الحمد لله
أولا :
الطلاق الرجعي هو الطلقة الأولى ، والثانية ، إذا لم يكن الطلاق على مال ( يعني : لم يكن خُلعا ) , ويترتب عليه احتساب هذه الطلقة من التطليقات الثلاث , ومشروعية مراجعة الزوجة أثناء عدتها ، ولو كان ذلك دون رضاها ، بلا عقد ولا مهر ، بل بموجب العقد الأول.
وأما الطلاق البائن فإنه ينقسم إلى قسمين : بائن بينونة كبرى ، وبائن بينونة صغرى , فالبائن بينونة كبرى هو ما استوفى الزوج فيه الثلاث تطليقات , ويترتب عليه انتهاء عقد الزواج بينهما ، فلا يجوز له أن يتزوجها مرة أخرى إلا بعد أن تنكح زوجا غيره ، نكاح رغبة لا نكاح تحليل ، ثم يطلقها أو يموت عنها .
أما البائن بينونة صغرى : فهو ما حصل الطلاق فيه على عوض , أو وقع قبل الدخول بالزوجة , أو طلقها الزوج طلقة أو طلقتين ، ولم يراجعها حتى انتهاء عدتها ، ويترتب عليه انتهاء عقد الزواج بينهما ، مع إمكانية أن يتقدم الزوج للزواج بها برضاها مرة أخرى ، بعقد ومهر جديدين , وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم : (46561) .
ومن هنا يُعلم أن هذا الطلاق الذي أوقعه صديقك على زوجته طلاق رجعي ، ما دام أنه لم يقع على مال ، ولم يكن الطلقة الثالثة ، كما هو ظاهر من سؤالك .

ثانيا :
عدة المطلقة تختلف باختلاف أحوالها , وقد سبق بيان هذه الأحوال بالتفصيل في الفتوى رقم : (12667).
وما دامت هذه المرأة تحيض ، كما في السؤال ، فإن عدتها تحسب بالحِيَض ، فالواجب عليها أن تمكث حتى تحيض ثلاث حيض ، بعد طلاقها ، ومنها هذه الحيضة التي حصلت لها في يوم الطلاق ، إن كان قد طلقها قبل أن تحيضها ، كما سيأتي ؛ فإن كان زوجها قد راجعها خلال فترة العدة ، يعني : قبل أن تحيض الحيضة الثالثة : فإنها تكون زوجته .
وأما إن كان قد راجعها بعد انتهاء العدة ، فحينئذ لا تفيد الرجعة ، وتكون قد بانت منه بينونة صغرى.

ثالثا :
اتفق الفقهاء على أن الرجعة تصح بالقول الدال عليها، كأن يقول لمطلقته : راجعتك ، أو راجعتها، واختلفوا في حصول الرجعة بالفعل ، كالوطء ومقدماته من اللمس والتقبيل والخلوة ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (23269).
وأنت قد ذكرت أن زوج صديقتك قد كتب إليها رسالة هاتفية بالرجعة , فإن كان قد نوى بهذه الرسالة الرجعة : فإنها تحصل بذلك , فقد نص أهل العلم على أن كتابة الرجعة مع النية يحصل بها الارتجاع , جاء في " إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين " (4 / 34): "ويقوم مقام اللفظ الكتابة مع النية" انتهى.
مع التنبيه على أن الرجعة كما لا يشترط فيها رضا الزوجة ، كذلك لا يشترط فيها إعلامها بالرجعة , بل لو راجعها دون علمها صحت الرجعة , ويلزمها حكم ذلك متى صدقته في دعوى الرجعة في العدة ، أو أقام هو البينة عليها .
جاء في " بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع " (3 / 181) : " وكذا إعلامها بالرجعة : ليس بشرط ، حتى لو لم يعلمها بالرجعة : جازت ؛ لأن الرجعة حقه على الخلوص ، لكونه تصرفا في ملكه بالاستيفاء والاستدامة ، فلا يشترط فيه إعلام الغير " انتهى.

رابعا:
إيقاع الطلاق في الحيض إثم ومعصية ، ومخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم , أما ترتب أحكامه على الزوجة : فمحل خلاف بين أهل العلم , وقد سبق بيان هذا الخلاف ، وذكر الرأي الراجح في الفتوى رقم : (72417) .

وهذا الخلاف محله ما إذا أوقع الزوج الطلاق على المرأة حال حيضها , أما إنهاء الإجراءات الرسمية وكتابة أوراق الطلاق فلا علاقة له بالحيض أو الطهر , فلو طلقها وهي في طهر لم يجامعها فيه ، لكن أوراق الطلاق وُقِّعت وهي حائض ، فإنها تكون قد طُلّقت طلاقا سنيَّا واقعا عليها بالاتفاق ، ولو كانت قد حاضت في نفس اليوم ، بعد أن طلقها فعليا .

والله أعلم.